للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنا نقول: غاية ما ذُكر أن يكون مفهومًا، والمفهوم لا يُعتدُّ به إذا قام الدليل على عدم إرادته، وزَعْمُ المشركين أنَّ الأنثى ليست كذلك فِعْلًا باطلٌ.

أو يقال: لعلَّه أريد بقوله {آلِهَةٌ} مطلقُ معبودين، لا معبودون بحق، فكأنه قال: لو كان معه معبودون بالصفة التي يقول المشركون.

وعليه فيكون المفهوم: أنه لو كان معه معبودون لكن بغير تلك الصفة لما لَزِمَ أن يبتغوا إلى ذي العرش سبيلًا. وهذا صحيح؛ فإن [س ٤٠/ب] الشياطين قد عُبِدت والأصنامَ وبعضَ بني آدم بل والملائكةَ أيضًا، وكلُّهم ليسوا بالصفة التي زعمها المشركون، ولم يلزم من وجودهم أن يبتغوا إلى ذي العرش سبيلًا؛ لأنهم كلهم عبيده مقهورون لإرادته.

الوجه الثاني: أن يكون المعنى: لو كان معه آلهة كما يقولون ذلك أي كما يزعمون.

[س ٤١/أ] وقوله تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} يريد ــ والله أعلم ــ وأولئك الذين تجعلونهم آلهة يسبحونه، فهم عبيده لا بناته ولا شركاؤه.

ثم قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ ... } واضح في أنه أراد الملائكة.

وأما قول: إنهم طائفة من الجن على ما مرّ فضعيف جدًّا؛ لأن الكلام على العموم، وليس كلُّ الشياطين أسلموا، وأباه أكثر المفسرين، وإن صحّ عن بعض الصحابة (١)، وكفى بالسياق دليلًا على بطلانه، وما رُوي عن


(١) منهم ابن مسعود. أخرجه البخاري في كتاب التفسير، سورة الإسراء، باب {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ} الآية، ٦/ ٨٥ - ٨٦، ح ٤٧١٣ - ٤٧١٥، وانظر تفسير الطبري ١٤/ ٦٢٧ وما بعدها.