للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صحة: "عداهم الموت" على التخريج المذكور، وصحة أنْ يقاس عليه لا عداك السوء، فأنت أيُّها السيد لم تستعملها على ذلك الوجه، وإنَّما هذيتَ بها جزافًا، وكلامُك يحضره مولانا ــ أيَّده الله ــ وأوراقك إليَّ شاهدة أنك لم تسمع بالتضمين فضلًا عن أنْ تعرفه، فضلًا عن أنْ تستعمله، فكيف وأنتَ لم تسمع بهذه اللفظة حتى أحيت إليك يومنا هذا، وقد روي عن أمير المؤمنين نفسه ــ عليه السلام ــ أنَّه كان يومًا يمشي مع جنازةٍ، فقال له رجلٌ: مَن المتوفِّي بصيغة اسم الفاعل؟

قال: اللهُ ــ عز وجل ــ.

فقال الرجل: إنَّما أردتُ من الميتُ؟

فقال له أمير المؤمنين: قل مَن المتوفَّى، أي بصيغة اسم المفعول (١).

وكيف هذا؟ ! وأميرُ المؤمنين ــ عليه السلام ــ يقرأ: {وَالَّذِينَ يَتَوفَّون} ــ بصيغة المضارع المبني للفاعل (٢) ــ، ولكنَّه قرأ كذلك لسرٍّ يَعْلَمُ أنَّ ذلك السائل أبلدُ من أنْ يلاحظه في خطابه، وهو أنَّ الميت تَوَفَّى أي: استكمل


(١) ذكر هذه القصة الزمخشري في الكشاف (١/ ٢٧٨) وجعل الرجل أبا الأسود الدؤلي، وانظر الدر المصون للسمين الحلبي (١/ ٢٣٤).
(٢) قراءة الجمهور: "يُتَوفَّون" ــ مبنيًا لما لم يسمَّ فاعله ــ وقرأ علي بن أبي طالب ــ رضي الله عنه ــ: "يتوفون" ــ مبنيًّا للفاعل ــ وهي التي أشار إليها المعلمي. وقد روى قراءة علي بن أبي طالب أبو عبد الرحمن السلمي كما في المحتسب لابن جني (١/ ١٢٥)، ورواها أيضًا المفضل عن عاصم، وقد أنكر مجاهد القراءة بها وردَّ عليه ابن جنّي بأنه مستقيم جائز، وقال العكبري في إعراب القراءات الشواذ (١/ ٢٥٣): قوله: "يتوفون منكم" يقرأ بفتح الياء، والتقدير: يتوفون آجالهم أي: يستوفونها. اهـ. انظر الكشاف (١/ ٢٧٨)، والبحر المحيط (٢/ ٢٢٢).