للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كنتم من الموقنين. {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: ٥٦].

أيها الإنسانُ، هذا الموتُ ناشرٌ أعلامَه، هذا الموتُ مصوِّبٌ سهامَه، هذا الموتُ منفِّذٌ أحكامَه، هذا الموتُ مُشْرِعٌ رمحَه ممكِّنٌ حُسامَه. {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: ١٨٥].

حتَّامَ التسويفُ بالتوبة، والموتُ دون الأمل حاجزٌ قدير؟ فهل أنتَ مكذِّبٌ به، وقد قام عليه كلُّ دليلٍ منير؟ أين مَن تعرفه، ومَن لا تعرفه وتسمع به، مِن صغير وكبير؟ هل هم إلا واقعٌ في شبكته، ومنتظرٌ إلى أجلٍ قصير؟ لِمَ تظنُّ أنَّ عملَك غيرُ لاقيك، وأنَّه ليس إليه المصير. {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [هود: ١١١].

الحديث: كان - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أوَّلُ ما يحاسَب عليه العبدُ يومَ القيامة: الصلاةُ المكتوبةُ. فإنْ أتمَّها، وإلَّا فيقال: انظروا هل له من تطوُّع؟ فإن كان له تطوُّع أُكمِلَت الفريضةُ من تطوُّعه. ثم يُفعَل بسائر الأعمال المفروضة مثلُ ذلك" (١).

وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الله عز وجل يطَّلِعُ على جميع خلقه ليلةَ النِّصف


(١) أخرجه أحمد (٧٩٠٢، ٩٤٩٤) وأبو داود (٨٦٤) والترمذي (٤١٣) والنسائي (٤٦٥) وابن ماجه (١٤٢٥) من حديث أبي هريرة. قال الترمذي: "حديث حسن غريب من هذا الوجه". وله شاهد من حديث تميم الداري عند أحمد (١٦٩٥١) وأبي داود (٨٦٦) والحاكم (١/ ٢٦٢).