للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأهل والبنين، فقطَعَ وتينَك، وأفقدك ثمينَك، وأعدمَكَ مأمونَك وأمينَك. فبادرَ أهلُك إلى نزع خاتمك وثيابك، وتغييبك في ترابك، وإيداعِك إلى حسابك، فإمَّا إلى ثوابك وإمَّا إلى عذابك.

وقد بادروا أموالَك فانتهَبوها، وأخذوا ترِكتَك واتَّهَبوها، وقسموها واكتسبوها. فكم من شيءٍ أخذتَه ظلمًا وتركتَه لوارثك حتمًا، فنال فائدته سهمًا، واصطليتَ في حسابه وعقابه همًّا وغمًّا! وربما كان وارثك من أعدائك، ومظلومك من أوليائك (١).

ثم إنَّك بعد أن يودعوك قبرَك قادمٌ على ما قدَّمْتَ، فيجيئُك الملكانِ في الصورة المنكَرة، فيسألانك عن عملك في الدنيا، والتوحيد، وغيره. فإن كنت قدَّمت صالحًا أو رحمك الله وفَّقك الله للجواب؛ وإلَّا خذَلَك هنالك، فتَلقَى من العذاب ما لا تطيق حملَه الجبالُ الراسيات ولم تزل [تعذَّب] حتى تقوم الساعة. فإنْ لم يرحمك الله أُلقيتَ في النار. وقد أُعْلمتَ ما النار، إنَّها ليست كنار الدنيا.

[قال] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "لو أنَّ دلوًا من جهنَّم وُضِعَ في وسط الأرض لآذى نَتَنُ ريحِه ما بين المشرق والمغرب. [ولو أنَّ شررةً من شرر] جهنم بالمشرق لَوُجِدَ حرُّها بالمغرب. ولو أنَّ أهل النار أصابوا نارَكم هذه لناموا فيها" (٢).


(١) رسمها في الأصل: "أعداك ... أولياك".
(٢) أخرجه الطبراني في "الأوسط" (٣٦٨١) من حديث أنس. قال الهيثمي في "المجمع" (١٨٥٧٤): "وفيه تمام بن نجيح، وهو ضعيف، وقد وُثق. وبقية رجاله أحسن حالًا من تمام".