للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أولاهن بالتراب». ووافقه حديث أبي رافع عند الدارقطني ولفظه: «فاغسلوه سبع مرَّات أولاهن بالتراب» قال الدارقطني: «هذا صحيح» (١). فما وقع في حديث عبد الله بن مغفَّل عند مسلم (٢) وغيره: «فاغسلوه سبع مرَّات وعفِّروه الثامنة بالتراب» فهذا الحديث إن حمله (٣) [ص ٦] على ظاهره أنه يُغسل سبع مرات ثم يغسل مرة ثامنة بالتراب، لم يكن زيادة الثامنة زيادة محضة؛ يحتمل أن يكون الذي لم يذكرها غفل عن سماعها أو نحو ذلك. بل يكون هذا الحديث مخالفًا لحديثي أبي هريرة وأبي رافع، وحديثُ أبي هريرة أثبت، ووافقه حديث أبي رافع. فإذا أمكن الجمع تعيَّن، والتأويل الذي ذكره النووي (٤) يحصل به الجمع.

ويقرِّب ذاك الجمع كلمةُ «وعفِّروه». فليس فيما قاله النووي حيف على الحديث يسوغ أن يُطلق عليه «محاماة عن المذهب». والقائل: «فيه استكراه» ــ وهو ابن دقيق العيد ــ قد عاد فقال: «لكن لو وقع التعفير في أوَّله قبل ورود الغسلات السبع كانت الغسلات (يعني التطهيرات) ثمانيًا (٥)، ويكون إطلاق الغسلة على التتريب مجازًا».

أقول: وليس في الحديث في تطهيرةِ التتريب تسميتُها غسلةً، وإنما أَخَذَ ذلك من قوله: «الثامنة». فقد يقال: إنما مراده: المرة الثامنة من التطهيرات.


(١) انظر: طبعة عبد الله هاشم يماني (١/ ٦٥). ولم يرد تصحيح الدارقطني في ط مؤسسة الرسالة (١/ ١٠٦).
(٢) برقم (٢٨٠).
(٣) قد يقرأ: «حُمِل».
(٤) في «شرح صحيح مسلم» (٣/ ١٨٨).
(٥) في «الفتح» (١/ ٢٧٨): «ثمانية».