عبادة الطاغوت وحب الدنيا، قال: وما كانت عبادتكم للطاغوت؟ قال: طاعة أهل المعاصي هي عبادة الطاغوت. قال: وما كان حبكم للدنيا؟ قال: كحب الصبىّ لأمه، كنا إذا أقبلت فرحنا، وإذا أدبرت حزنا، مع أمل بعيد، وإدبار عن طاعة الله، وإقبال على مساخطه. قال: فكيف كان هلاككم؟ قال: بتنا ليلة في عافية وأصبحنا في هاوية، قال: وما الهاوية؟ قال: سجين، قال:
وما السجين؟ قال: جمرة من نار مثل أطباق الدنيا كلها دفنت أرواحنا فيها، قال: فما بال أصحابك لا يتكلمون؟ قال: لا يستطيعون أن يتكلموا. قال: وكيف ذلك؟ قال: هم ملجمون بلجم من نار. قال: وكيف كلمتنى أنت من بينهم؟ قال: كنت فيهم لما أصلبهم العذاب ولم أكن منهم ولا على أعمالهم، فلما جاء البلاء عمني معهم، وأنا معلق بشعرة في الهاوية لا أدرى أكردس فيها أم أنجو. فقال عيسى عليه السلام عند ذلك لأصحابه: بحق أقول لكم: لخبز الشعير وشرب الماء القراح والنوم على المزابل كثير مع عافية الدنيا والآخرة وروى الطبراني عنه أنه قال: لا يكون المرء حكيما حتى يطيع الله عز وجل، وما عصى الله حكيم، ولا يعصى الله إلا أحمق، وكما لا يكمل النهار إلا بالشمس، ولا يعرف الليل إلا بالظلام، كذلك لا تكمل الحكمة إلا بطاعة الله عز وجل، ولا يعصى الله حكيم، كما لا يطير الطير إلا بجناحين، ولا يستطيع من لا جناح له أن يطير، كذلك لا يطيع الله من لا يعمل له، ولا يطيق عمل الله من لا يطيعه. وكما لا مكث للنار في الماء حتى تطفأ، كذلك لا مكث لعمل الرياء حتى يبور. وكما يبدي سرّ الزانية وفضيحتها فعلها، كذلك يفتضح بالفعل السيئ من كان يقرأ لجليسه بالقول الحسن ولم يعمل به. وكما تكذب معذرة السارق بالسرقة إذا ظهر عليها عنده، كذلك تكذب معصية القارئ للَّه قراءته إذا كان يقرؤها لغير الله تعالى.
وقال الطبراني: حدثنا محمد بن النضر حدثنا على بن بحر بن بري حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم حدثنا عبد الصمد بن معقل. قال سمعت وهبا يقول: في مزامير آل داود: طوبى لمن يسلك سبيل الحطابين ولا يجالس البطالين، وطوبى لمن يسلك طريق الأئمة ويستقيم على عبادة ربه، فمثله كمثل شجرة نابتة على ساقية لا تزال فيها الحياة، ولا تزال خضراء. وروى الطبراني أيضا عنه قال: إذا قامت الساعة صرخت الحجارة صراخ النساء، وقطرت العضاة دما. وروى عنه أنه قال:
ما من شيء إلا يبدو صغيرا ثم يكبر، إلا المصيبة فإنها تبدو كبيرة ثم تصغر. وروى عنه أيضا أنه قال: وقف سائل على باب داود عليه السلام، فقال: يا أهل بيت النبوة تصدقوا علينا بشيء رزقكم الله رزق التاجر المقيم في أهله. فقال داود: أعطوه، فو الّذي نفسي بيده إنها لفي الزبور.
وقال: من عرف بالكذب لم يجز صدقه، ومن عرف بالصدق ائتمن على حديثه، ومن أكثر الغيبة