للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوم الخميس لليلتين بقينا من شوال منها، واستوزر أبا على بن مقلة، ثم أبا جعفر محمد بن القاسم بن عبد الله، ثم أبا العباس، ثم الخصيبى. وشرع القاهر في مصادرة أصحاب المقتدر وتتبع أولاده، واستدعى بأم المقتدر وهي مريضة بالاستسقاء، وقد تزايد بها الوجع من شدة جزعها على ولدها حين بلغها قتله، وكيف بقي مكشوف العورة. فبقيت أياما لا تأكل شيئا، ثم وعظها النساء حتى أكلت شيئا يسيرا من الخبز والملح، ومع هذا كله استدعى بها القاهر فقررها على أموالها فذكرت له ما يكون للنساء من الحلي والمصاغ والثياب، ولم تقر بشيء من الأموال والجواهر، وقالت له: لو كان عندي من هذا شيء ما سلمت ولدى. فأمر بضربها وعلقت برجليها ومسها بعذاب شديد من العقوبة، فأشهدت على نفسها ببيع أملاكها، فأخذه الجند مما يحاسبون به من أرزاقهم. وأرادها على بيع أوقافها فامتنعت من ذلك وأبت أشد الإباء. ثم استدعى القاهر بجماعة من أولاد المقتدر منهم أبو العباس وهارون والعباس وعلى والفضل وإبراهيم، فأمر بمصادرتهم وحبسهم، وسلمهم إلى حاجبه على بن بليق، وتمكن الوزير على بن مقلة فعزل وولى، وأخذ وأعطى أياما، ومنع البريدي من عمالتهم.

[وفيها توفى من الأعيان.]

[أحمد بن عمير بن جوصا]

أبو الحسن الدمشقيّ أحد المحدثين الحفاظ، والرواة الأيقاظ. وإبراهيم بن محمد بن على بن بطحاء ابن على بن مقلة أبو إسحاق التميمي المحتسب ببغداد، روى عن عباس الدوري وعلى بن حرب وغيرهما، وكان ثقة فاضلا. مر يوما على باب القاضي أبى عمر محمد بن يوسف والخصوم عكوف على بابه والشمس قد ارتفعت عليهم، فبعث حاجبه إليه يقول له: إما أن تخرج فتفصل بين الخصوم، وإما أن تبعث فتعتذر إليهم إن كان لك عذر حتى يعودوا إليك بعد هذا الوقت.

[أبو على بن خيران]

الفقيه الشافعيّ، أحد أئمة المذهب، واسمه الحسين بن صالح بن خيران الفقيه الكبير الورع.

عرض عليه منصب القضاء فلم يقبل، فختم عليه الوزير على بن عيسى على بابه ستة عشر يوما، حتى لم يجد أهله ماء إلا من بيوت الجيران، وهو مع ذلك يمتنع عليهم، ولم يل لهم شيئا. فقال الوزير:

إنما أردنا أن نعلم الناس أن ببلدنا وفي مملكتنا من عرض عليه قضاء قضاة الدنيا في المشارق والمغارب فلم يقبل. وقد كانت وفاته في ذي الحجة منها، وقد ذكرنا ترجمته في طبقات الشافعية بما فيه كفاية.

عبد الملك بن محمد بن عدي الفقيه الأستراباذيّ، أحد أئمة المسلمين والحفاظ المحدثين وقد ذكرناه أيضا في طبقات الشافعية.

[القاضي أبو عمر المالكي محمد بن يوسف]

ابن إسماعيل بن حماد بن زيد، أبو عمر القاضي ببغداد ومعاملاتها في سائر البلاد، كان من أئمة

<<  <  ج: ص:  >  >>