لطردهم عن تلك الناحية، وفي صحبتهم الأمير حمزة ابن الخياط، أحد أمراء الطبلخانات، وقد كان حاجبا لخيار قبل ذلك، فرجع عنه وألب عليه عند الأمير الكبير يلبغا الخاصكى، ووعده إن هو أمره وكبره أن يظفره بخيار وأن يأتيه برأسه، ففعل معه ذلك، فقدم إلى دمشق ومعه مرسوم بركوب الجيش معه إلى خيار وأصحابه، فساروا كما ذكرنا، فوصلوا إلى تدمر، وهربت الأعراب من بين يدي نائب الشام يمينا وشمالا، ولم يواجهوه هيبة له، ولكنهم يتحرفون على حمزة بن الخياط، ثم بلغنا أنهم بيتوا الجيش فقتلوا منه طائفة وجرحوا آخرين وأسروا آخرين، ف ﴿إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ﴾.
[سلطنة الملك الأشرف ناصر الدين]
«شعبان بن حسن بن الملك الناصر محمد بن قلاوون في يوم الثلاثاء خامس عشر شعبان» لما كان عشية السبت تاسع عشر شعبان من هذه السنة - أعنى سنة أربع وستين وسبعمائة - قدم أمير من الديار المصرية فنزل بالقصر الأبلق، وأخبر بزوال مملكة الملك المنصور بن المظفر حاجي بن الملك الناصر محمد بن قلاوون، ومسك واعتقل. وبويع للملك الأشرف شعبان بن حسين الناصر بن المنصور قلاوون، وله من العمر قريب العشرين، فدقت البشائر بالقلعة المنصورة، وأصبح الناس يوم الأحد في الزينة. وأخبرنى قاضى القضاة تاج الدين والصاحب سعد الدين ماجد ناظر الدواوين، أنه لما كان يوم الثلاثاء الخامس عشر من شعبان عزل الملك المنصور وأودع منزله وأجلس الملك الأشرف ناصر الدين شعبان على سرير الملك، وبويع لذلك، وقد وقع رعد في هذا اليوم ومطر كثير، وجرت المزاريب، فصار غدرانا في الطرقات، وذلك في خامس حزيران، فتعجب الناس من ذلك، هذا وقد وقع وباء في مصر في أول شعبان، فتزايد وجمهوره في اليهود، وقد وصلوا إلى الخمسين في كل يوم وبالله المستعان.
وفي يوم الاثنين سابعه اشتهر الخبر عن الجيش بأن الاعراب اعترضوا التجريدة القاصدين إلى الرحبة وواقفوهم وقتلوا منهم ونهبوا وجرحوا، وقد سار البريد خلف النائب والأمراء ليقدموا إلى البلد لأجل البيعة للسلطان الجديد، جعله الله مباركا على المسلمين، ثم قدم جماعة من الأمراء المنهزمين من الأعراب في أسوإ حال وذلة، ثم جاء البريد من الديار المصرية بردهم إلى العسكر الّذي مع نائب السلطنة على تدمر، متوعدين بأنواع العقوبات، وقطع الاقطاعات. وفي شهر رمضان تفاقم الحال بسبب الطاعون ف ﴿إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ﴾، وجمهوره في اليهود لعله قد فقد منهم من مستهل شعبان إلى مستهل رمضان نحو الألف نسمة خبيثة، كما أخبرنى بذلك القاضي صلاح الدين الصفدي وكيل بيت المال، ثم كثر ذلك فيهم في شهر رمضان جدا، وعدة العدة من المسلمين والذمة بالثمانين.
وفي يوم السبت حادي عشره صلينا بعد الظهر على الشيخ المعمر الصدر بدر الدين محمد ابن