وذكر أبو شامة وشيخنا أبو عبد الله الذهبي وقطب الدين اليونينى أنه أصاب الناس في هذه السنة بالشام وباء شديد، وذكروا أن سبب ذلك من فساد الهواء والجو، فسد من كثرة القتلى ببلاد العراق وانتشر حتى تعدى إلى بلاد الشام فالله أعلم.
وفي هذه السنة اقتتل المصريون مع صاحب الكرك الملك المغيث عمر بن العادل الكبير، وكان في حبسه جماعة من أمراء البحرية، منهم ركن الدين بيبرس البندقداري، فكسرهم المصريون ونهبوا ما كان معهم من الأثقال والأموال، وأسروا جماعة من رءوس الأمراء فقتلوا صبرا، وعادوا إلى الكرك في أسوإ حال وأشنعه، وجعلوا يفسدون في الأرض ويعيثون في البلاد، فأرسل الله الناصر صاحب دمشق فبعث جيشا ليكفهم عن ذلك، فكسرهم البحرية واستنصروا فبرز إليهم الناصر بنفسه فلم يلتفتوا إليه وقطعوا أطناب خيمته التي هو فيها بإشارة ركن الدين بيبرس المذكور، وجرت حروب وخطوب يطول بسطها وبالله المستعان.
[وممن توفى في هذه السنة من الأعيان.]
[خليفة الوقت المستعصم بالله]
أمير المؤمنين آخر خلفاء بنى العباس بالعراق ﵀، وهو أبو أحمد عبد الله بن المستنصر بالله أبى جعفر منصور بن الظاهر بأمر الله أبى نصر محمد بن الناصر لدين الله أبى العباس أحمد بن المستضيء بأمر الله أبى محمد الحسن بن المستنجد بالله أبى المظفر يوسف بن المقتفى لأمر الله أبى عبد الله محمد بن المستظهر بالله أبى العباس أحمد بن المقتدى بالله أبى القاسم عبد الله بن الذخيرة أبى العباس محمد بن القائم بأمر الله عبد الله بن القادر بالله أبى العباس أحمد بن الأمير إسحاق بن المقتدر بالله أبى الفضل جعفر بن المعتضد بالله أبى العباس أحمد بن الأمير الموفق أبى أحمد طلحة بن المتوكل على الله أبى الفضل جعفر بن المعتصم بالله أبى إسحاق محمد بن الرشيد أبى محمد هارون بن المهدي أبى عبد الله محمد ابن المنصور أبى جعفر عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي العباسي، مولده سنة تسع وستمائة، وبويع له بالخلافة في العشرين من جمادى الأولى سنة أربعين، وكان مقتله في يوم الأربعاء الرابع عشر من صفر سنة ست وخمسين وستمائة، فيكون عمره يوم قتل سبعا وأربعين سنة رحمه الله تعالى. وقد كان حسن الصورة جيد السريرة، صحيح العقيدة مقتديا بأبيه المستنصر في المعدلة وكثرة الصدقات وإكرام العلماء والعباد، وقد استجاز له الحافظ ابن النجار من جماعة من مشايخ خراسان منهم المؤيد الطوسي، وأبو روح عبد العزيز بن محمد الهروي وأبو بكر القاسم بن عبد الله بن الصفار وغيرهم، وحدث عنه جماعة منهم مؤدبه شيخ الشيوخ صدر الدين أبو الحسن على بن محمد بن النيار، وأجاز هو للإمام محيي الدين ابن الجوزي، وللشيخ نجم الدين البادرائي، وحدثا عنه بهذه الاجازة. وقد كان ﵀ سنيا على طريقة السلف واعتقاد