وحكى ابن خلكان عنه أنه قال: ألهمت في المنام هؤلاء الكلمات: ادفع المسألة ما وجدت التحمل يمكنك فان لكل يوم رزقا جديدا، والإلحاح في الطلب يذهب البهاء، وما أقرب الصنيع من الملهوف، وربما كان العسر نوعا من آداب الله، والحظوظ مراتب فلا تعجل على ثمرة قبل أن تدرك فإنك ستنالها في أوانها، ولا تعجل في حوائجك فتضيق بها ذرعا، ويغشاك القنوط.
[ابن النجار الحافظ صاحب التاريخ]
محمد بن محمود بن الحسن بن هبة الله بن محاسن ابن النجار، أبو عبد الله البغدادي الحافظ الكبير، سمع الكثير ورحل شرقا وغربا، ولد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وشرع في كتابة التاريخ وعمره خمسة عشر سنة، والقراءات وقرأ بنفسه على المشايخ كثيرا حتى حصل نحوا من ثلاثة آلاف شيخ، من ذلك نحو من أربعمائة امرأة، وتغرب ثمانيا وعشرين سنة، ثم جاء إلى بغداد وقد جمع أشياء كثيرة، من ذلك القمر المنير في المسند الكبير، يذكر لكل صحابى ما روى. وكنز الأيام في معرفة السنن والأحكام، والمختلف والمؤتلف، والسابق واللاحق، والمتفق والمفترق، وكتاب الألقاب، ونهج الاصابة في معرفة الصحابة، والكافي في أسماء الرجال، وغير ذلك مما لم يتم أكثره وله كتاب الذيل على تاريخ مدينة السلام، في ستة عشر مجلدا كاملا، وله أخبار مكة والمدينة وبيت المقدس، وغرر الفوائد في خمس مجلدات، وأشياء كثيرة جدا سردها ابن الساعي في ترجمته، وذكر أنه لما عاد إلى بغداد عرض عليه الاقامة في المدارس فأبى وقال: معى ما أستغنى به عن ذلك فاشترى جارية وأولدها وأقام برهة ينفق مدة على نفسه من كيسه، ثم احتاج إلى أن نزل محدثا في جماعة المحدثين بالمدرسة المستنصرية حين وضعت، ثم مرض شهرين وأوصى إلى ابن الساعي في أمر تركته وكانت وفاته يوم الثلاثاء الخامس من شعبان من هذه السنة، وله من العمر خمس وسبعون سنة وصلى عليه بالمدرسة النظامية، وشهد جنازته خلق كثير، وكان ينادى حول جنازته هذا حافظ حديث رسول الله ﷺ، الّذي كان ينفى الكذب عنه. ولم يترك وارثا، وكانت تركته عشرين دينارا وثياب بدنه، وأوصى أن يتصدق بها، ووقف خزانتين من الكتب بالنظاميّة تساوى ألف دينار، فأمضى ذلك الخليفة المستعصم، وقد أثنى عليه الناس ورثوه بمراث كثيرة، سردها ابن الساعي في آخر ترجمته
[الحافظ ضياء الدين المقدسي]
ابن الحافظ محمد بن عبد الواحد (١) سمع الحديث الكثير وكتب كثيرا وطوف وجمع وصنف