﴿اُدْخُلِ الْجَنَّةَ﴾ يعنى لما قتله قومه أدخله الله الجنة فلما رأى فيها من النضرة والسرور ﴿قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾ يعنى ليؤمنوا بما آمنت به فيحصل لهم ما حصل لي قال ابن عباس نصح قومه في حياته ﴿يا قَوْمِ اِتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ وبعد مماته ﴿يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾ رواه ابن أبى حاتم وكذلك قال قتادة لا يلقى المؤمن الا ناصحا لا يلقى غاشا لما عاين ما عاين من كرامة الله ﴿يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾ تمنى والله أن يعلم قومه بما عاين من كرامة الله وما هو عليه قال قتادة فلا والله ما عاتب الله قومه بعد قتله ﴿إِنْ كانَتْ إِلاّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ﴾ وقوله تعالى ﴿وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَما كُنّا مُنْزِلِينَ﴾ أي ما احتجنا في الانتقام منهم الى إنزال جند من السماء عليهم. هذا معنى ما رواه ابن إسحاق عن بعض أصحابه عن ابن مسعود * قال مجاهد وقتادة وما أنزل عليهم جندا أي رسالة أخرى قال ابن جرير والأول أولى قلت وأقوى ولهذا قال ﴿وَما كُنّا مُنْزِلِينَ﴾ أي وما كنا نحتاج في الانتقام الى هذا حين كذبوا رسلنا وقتلوا ولينا ﴿إِنْ كانَتْ إِلاّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ﴾ قال المفسرون بعث الله اليهم جبريل ﵇ فأخذ بعضادتي الباب الّذي لبلدهم ثم صاح بهم صيحة واحدة فاذاهم خامدون أي قد أخمدت أصواتهم وسكنت حركاتهم ولم يبق منهم عين تطرف.
وهذا كله مما يدل على أن هذه القرية ليست أنطاكية لأن هؤلاء أهلكوا بتكذيبهم رسل الله اليهم وأهل أنطاكية آمنوا واتبعوا رسل المسيح من الحواريين اليهم فلهذا قيل إن أنطاكية أول مدينة آمنت بالمسيح * فأما الحديث الّذي
رواه الطبراني من حديث حسين الأشقري عن سفيان بن عيينة عن ابن أبى نجيح عن مجاهد عن ابن عباس عن النبي ﷺ قال (السبق ثلاثة فالسابق الى موسى يوشع بن نون والسابق الى عيسى صاحب يس والسابق الى محمد على ابن أبى طالب) فإنه حديث لا يثبت لأن حسينا هذا متروك وشيعي من الغلاة وتفرده بهذا مما يدل على ضعفه بالكلية والله أعلم *
[قصة يونس ﵇]
قال الله تعالى في سورة يونس ﴿فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلاّ قَوْمَ يُونُسَ لَمّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ﴾ وقال تعالى في سورة الأنبياء ﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ وقال تعالى في سورة والصافات ﴿وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ﴾