للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآيات المتلوة، والأخبار المأثورة، وبلغه ما أوصى به في المنام واليقظة فرضى وسلم إيمانا واحتسابا، وفاز بخير الدنيا ونعيم الآخرة، وهيأه الله بما آتاه من ذلك ليلوغ أعلى منازل أهل البلاء في الله من أوليائه، وألحق به محبيه فيما نال من كرامة الله تعالى إن شاء الله من غير بلية وبالله التوفيق والعصمة.

قال الله تعالى ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * الم * أَحَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ، * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ﴾ وقال الله تعالى ﴿وَاِصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ في سواها في معنى ما كتبنا.

وقد روى الامام أحمد الممتحن في مسندة قائلا فيه: حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن عاصم بن بهدلة سمعت مصعب بن سعد يحدث عن سعد قال: سألت رسول الله : أي الناس أشد بلاء؟ فقال: «الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الله الرجل على حسب دينه، فان كان رقيق الدين ابتلى على حسب ذلك، وإن كان صلب الدين ابتلى على حسب ذلك، وما يزال البلاء بالرجل حتى يمشى على الأرض وما عليه خطيئة».

وقد روى مسلم في صحيحة قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي ثنا أيوب عن أبى قلابة عن أنس. قال قال رسول الله : «ثلاثة من كن فيه فقد وجد حلاوة الايمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يقذف في النار أحب إليه من أن يرجع الى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه». أخرجاه في الصحيحين.

وقال أبو القاسم البغوي: حدثنا أحمد بن حنبل ثنا أبو المغيرة ثنا صفوان بن عمرو السكسكي ثنا عمرو بن قيس السكونيّ ثنا عاصم بن حميد قال: سمعت معاذ بن جبل يقول: «إنكم لم تروا إلا بلاء وفتنة، ولن يزداد الأمر إلا شدة، ولا الأنفس إلا شحا». وبه قال معاذ: «لن تروا من الأئمة إلا غلظة ولن تروا أمرا يهولكم ويشتد عليكم إلا حضر بعده ما هو أشد منه». قال البغوي:

سمعت أحمد يقول: اللهمّ رضنا. وروى البيهقي عن الربيع قال بعثني الشافعيّ بكتاب من مصر إلى أحمد بن حنبل، فأتيته وقد انفتل من صلاة الفجر فدفعت إليه الكتاب فقال: أقرأته؟ فقلت:

لا! فأخذه فقرأه فدمعت عيناه، فقلت: يا أبا عبد الله وما فيه؟ فقال: يذكر أنه رأى رسول الله في المنام فقال: اكتب إلى أبى عبد الله أحمد بن حنبل واقرأ عليه منى السلام وقل له:

إنك ستمتحن وتدعى إلى القول بخلق القرآن فلا تجبهم، يرفع الله لك علما إلى يوم القيامة. قال الربيع: فقلت حلاوة البشارة، فخلع قميصه الّذي يلي جلده فأعطانيه، فلما رجعت إلى الشافعيّ أخبرته فقال: إني لست أفجعلك فيه، ولكن بله بالماء وأعطينيه حتى أتبرك به.

[ذكر ملخص الفتنة والمحنة مجموعا من كلام أئمة السنة أثابهم الله الجنة]

قد ذكرنا فيما تقدم أن المأمون كان قد استحوذ عليه جماعة من المعتزلة فأزاغوه عن طريق الحق

<<  <  ج: ص:  >  >>