كان قد صحب ارميا ﵇ فأغضبه فدعا عليه ارميا فبرص زردشت فذهب فلحق بأرض آذربيجان وصحب بشتاسب فلقنه دين المجوسية الّذي اخترعه من تلقاء نفسه فقبله منه بشتاسب وحمل الناس عليه وقهرهم وقتل منهم خلقا كثيرا ممن أباه منهم * ثم كان بعد بشتاسب بهمن بن بشتاسب وهو من ملوك الفرس المشهورين والابطال المذكورين وقد ناب بخت نصّر لكل واحد من هؤلاء الثلاثة وعمر دهرا طويلا قبحه الله * والمقصود ان هذا الّذي ذكره ابن جرير من أن هذا المار على هذه القرية هو ارميا ﵇ * قال وهب بن منبه وعبد الله بن عبيد بن عمير وغيرهما وهو قوى من حيث السباق المتقدم وقد روى عن على وعبد الله بن سلام وابن عباس والحسن وقتادة والسدي وسليمان ابن بريدة وغيرهم أنه عزير. وهذا أشهر عند كثير من السلف والخلف والله أعلم.
[وهذه قصة العزير]
قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر هو عزير بن جروة ويقال بن سوريق بن عديا بن أيوب بن درزنا بن عرى بن تقى بن أسبوع بن فنحاص بن العازر بن هارون بن عمران * ويقال عزير بن سروخا جاء في بعض الآثار ان قبره بدمشق. ثم ساق من طريق أبى القاسم البغوي عن داود بن عمرو عن حبان بن على عن محمد بن كريب عن أبيه عن ابن عباس مرفوعا لا أدرى العين بيع أم لا ولا أدرى أكان عزير نبيا أم لا ثم رواه من حديث مؤمل بن الحسن عن محمد بن إسحاق السجزى عن عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبى ذؤيب عن سعيد المقبري عن أبى هريرة مرفوعا نحوه. ثم روى من طريق إسحاق بن بشر وهو متروك عن جويبر ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس ان عزيرا كان ممن سباه نصر وهو غلام حدث فلما بلغ أربعين سنة أعطاه الله الحكمة قال ولم يكن أحد أحفظ ولا أعلم بالتوراة منه قال وكان يذكر مع الأنبياء حتى محى الله اسمه من ذلك حين سأل ربه عن القدر وهذا ضعيف
(قوله تعالى ﴿وَأَصْحابَ الرَّسِّ﴾ فان الرس تخفيف أرس. وله الى الآن اتباع تعد بالملايين في الهند وإيران وله كتاب باللغة الفارسية القديمة مشتمل على المبادي والتعاليم والأحكام والبشارات بالأمور الآتية على نهج سائر الكتب. منها بشاراته بظهور الرسول ﵇ بقوله سيظهر في العرب نبي عظيم وبعد أن يمضى من ظهور شريعته ألف سنة وكسور إذا جاء ثانيا لا يعرف أن هذه كانت شريعته انتهى ترجمته بالمعنى ويقصد بذلك أن شريعته ﵇ بمضى الزمان يدخل فيها من البدع والاهواء وما لم يكن منها بحيث إذا رآها بعد ألف سنة لا يعرفها لكثرة ما دخل فيها من البدع. فانظر أنه لم يكتف بالبشارة بظهوره بل أخبر أيضا بما يقع في المستقبل في شريعته فهذا من جملة الأدلة على صدق نبوته كما لا يخفى على من تتبع تواريخ الأديان والمذاهب انتهى (فرج الله زكى الكردي)