[ثم دخلت سنة تسع وتسعين وثلاثمائة]
فيها قتل على بن ثمال نائب الرحبة من طرف الحاكم العبيدي، قتله عيسى بن خلاط العقيلي، وملكها، فأخرجه منها عباس بن مرداس صاحب حلب وملكها، وفيها صرف عمرو بن عبد الواحد عن قضاء البصرة ووليه أبو الحسن بن أبى الشوارب، فذهب الناس يهنون هذا ويعزون هذا، فقال في ذلك العصفري:
عندي حديث ظريف … بمثله يتغنى
من قاضيين يعزى … هذا وهذا يهنا
فذا يقول أكرهوني … وذا يقول استرحنا
ويكذبان جميعا … ومن يصدق منا؟
وفي شعبان من هذه السنة عصفت ريح شديدة فألقت وحلا أحمر في طرقات بغداد. وفيها هبت على الحجاج ريح سوداء مظلمة واعترضهم الأعراب فصدوهم عن السبيل، واعتاقوهم حتى فاتهم الحج فرجعوا، وأخذت بنو هلال طائفة من حجاج البصرة نحوا من ستمائة واحد، وأخذوا منهم نحوا من ألف ألف دينار، وكانت الخطبة فيها للمصريين.
[وممن توفى فيها من الأعيان]
[عبد الله بن بكر بن محمد بن الحسين]
أبو أحمد الطبراني، سمع بمكة وبغداد وغيرهما من البلاد، وكان مكرما، سمع منه الدار قطنى وعبد الغنى بن سعيد ثم أقام بالشام بالقرب من جبل عند بانياس يعبد الله تعالى إلى أن مات في ربيع الأول منها.
[محمد بن على بن الحسن]
أبو مسلم كاتب الوزير بن خنزابة، روى عن البغوي وابن صاعد وابن دريد وابن أبى داود وابن عرفة وابن مجاهد وغيرهم، وكان آخر من بقي من أصحاب البغوي، وكان من أهل العلم والحديث والمعرفة والفهم، وقد تكلم بعضهم في روايته عن البغوي لأن أصله كان غالبا مفسودا. وذكر الصوري أنه خلط في آخر عمره.
[أبو الحسن على بن أبى سعيد]
عبد الواحد بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري، صاحب كتاب الزيج الحاكمى في أربع مجلدات، كان أبوه من كبار المحدثين الحفاظ، وقد وضع لمصر تاريخا نافعا يرجع العلماء إليه فيه، وأما هذا فإنه اشتغل في علم النجوم فنال من شأنه منالا جيدا، وكان شديد الاعتناء بعلم الرصد وكان مع هذا مغفلا سيئ الحال، رث الثياب، طويلا يتعمم على طرطور طويل، ويتطيلس فوقه، ويركب حمارا، فمن رآه ضحك منه، وكان يدخل على الحاكم فيكرمه ويذكر من تغفله ما يدل على اعتنائه بأمر نفسه، وكان شاهدا معدلا، وله شعر جيد، فمنه ما ذكره ابن خلكان:
أحمل نشر الريح عند هبوبه … رسالة مشتاق إلى حبيبه
بنفسي من تحيا النفوس بريقه … ومن طابت الدنيا به وبطيبة