أَرْبَعَ عَشْرَةَ. وَزَادَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبُو مَعْشَرٍ وَالْأُمَوِيُّ: وَكَانَتِ الْيَرْمُوكُ بَعْدَهَا بِسَنَةٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ كَانَ فَتْحُهَا فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ. وَقَالَ خَلِيفَةُ: حَاصَرَهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَرَمَضَانَ وَشَوَّالٍ وَتَمَّ الصُّلْحُ فِي ذِي الْقِعْدَةِ. وَقَالَ الْأُمَوِيُّ فِي مُغَازِيهِ: كَانَتْ وَقْعَةُ أَجْنَادِينَ فِي جُمَادَى الْأُولَى، وَوَقْعَةُ فِحْلٍ فِي ذِي الْقِعْدَةِ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ- يَعْنِي وَوَقْعَةُ دِمَشْقَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ- وَقَالَ دُحَيْمٌ عَنِ الْوَلِيدِ: حَدَّثَنِي الْأُمَوِيُّ أَنَّ وَقْعَةَ فِحْلٍ وَأَجْنَادِينَ كَانَتْ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ مَضَى الْمُسْلِمُونَ إِلَى دِمَشْقَ فَنَزَلُوا عَلَيْهَا فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ يَعْنِي فَفَتَحُوهَا فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ. وَكَانَتِ الْيَرْمُوكُ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَقَدِمَ عُمَرُ إِلَى بيت المقدس سنة ست عشرة.
[فصل]
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي دِمَشْقَ هَلْ فُتِحَتْ صُلْحًا أَوْ عَنْوَةً؟ فَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ اسْتَقَرَّ أَمْرُهَا عَلَى الصُّلْحِ، لِأَنَّهُمْ شَكُّوا فِي الْمُتَقَدِّمِ عَلَى الْآخَرِ أَفُتِحَتْ عَنْوَةً ثُمَّ عَدَلَ الرُّومُ إلى المصالحة، أو فتحت صلحا، أو اتفق الِاسْتِيلَاءُ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ قَسْرًا؟ فَلَمَّا شَكُّوا فِي ذَلِكَ جَعَلُوهَا صُلْحًا احْتِيَاطًا.
وَقِيلَ بَلْ جُعِلَ نِصْفُهَا صُلْحًا وَنِصْفُهَا عَنْوَةً، وَهَذَا الْقَوْلُ قَدْ يَظْهَرُ مِنْ صُنْعِ الصَّحَابَةِ فِي الْكَنِيسَةِ الْعُظْمَى الَّتِي كَانَتْ أَكْبَرَ مَعَابِدِهِمْ حِينَ أَخَذُوا نِصْفَهَا وَتَرَكُوا لَهُمْ نَصْفَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ قِيلَ: إِنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ هُوَ الَّذِي كَتَبَ لَهُمْ كِتَابَ الصُّلْحِ، وَهَذَا هُوَ الْأَنْسَبُ وَالْأَشْهَرُ، فَإِنَّ خَالِدًا كَانَ قَدْ عُزِلَ عَنِ الْإِمْرَةِ، وَقِيلَ بَلِ الَّذِي كَتَبَ لَهُمُ الصُّلْحَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَلَكِنْ أَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدَةَ فاللَّه أَعْلَمُ.
وَذَكَرَ أَبُو حُذَيْفَةَ إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ أَنَّ الصِّدِّيقَ تُوُفِّيَ قَبْلَ فَتْحِ دِمَشْقَ، وَأَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ يُعَزِّيهِ وَالْمُسْلِمِينَ فِي الصِّدِّيقِ، وَأَنَّهُ قَدِ اسْتَنَابَهُ عَلَى مَنْ بِالشَّامِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَسْتَشِيرَ خَالِدًا فِي الْحَرْبِ، فَلَمَّا وَصَلَ الْكِتَابُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ كَتَمَهُ مِنْ خَالِدٍ حَتَّى فُتِحَتْ دِمَشْقُ بِنَحْوٍ مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً، فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تُعْلِمَنِي حِينَ جَاءَكَ؟ فَقَالَ: إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَكْسِرَ عَلَيْكَ حَرْبَكَ، وَمَا سُلْطَانُ الدُّنْيَا أُرِيدُ، وَلَا لِلدُّنْيَا أَعْمَلُ، وَمَا تَرَى سَيَصِيرُ إِلَى زَوَالٍ وَانْقِطَاعٍ، وَإِنَّمَا نَحْنُ إِخْوَانٌ وَمَا يَضُرُّ الرَّجُلَ أَنْ يليه أخوه في دينه ودنياه.
ومن أعجب ما يذكر هاهنا مَا رَوَاهُ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ الْفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا هشام بن عمار ثنا عبد الملك ابن مُحَمَّدٍ ثَنَا رَاشِدُ بْنُ دَاوُدَ الصَّنْعَانِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ الصَّنْعَانِيُّ شَرَاحِيلُ بْنُ مَرْثَدٍ، قَالَ: بَعَثَ أَبُو بَكْرٍ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أَهْلِ الْيَمَامَةِ، وَبَعَثَ يَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ إلى الشام، فذكر الراويّ فقال خَالِدٍ لِأَهْلِ الْيَمَامَةِ إِلَى أَنْ قَالَ: وَمَاتَ أَبُو بَكْرٍ وَاسْتَخْلَفَ عُمَرَ فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ إِلَى الشَّامِ فَقَدِمَ دِمَشْقَ فَاسْتَمَدَّ أَبُو عُبَيْدَةَ عُمَرَ فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنْ يَسِيرَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بِالشَّامِ، فَذَكَرَ مسير
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute