الإسلام ووعدهم النصر منه والاعانة، فدخلوا في جحافل عظيمة كثيرة جدا، وانضاف إليهم الأرمني فركب إليهم مفلح غلام يوسف بن أبى الساج وهو يومئذ نائب أذربيجان واتبعه خلق كثير من المتطوعة، فقصد أولا بلاد ابن الديراني فقتل من الأرمن نحوا من مائة ألف، وأسر خلقا كثيرا، وغنم أموالا جزيلة، وتحصن ابن الديراني في قلعة له هناك، وكاتب الروم فوصلوا إلى شميشاط فحاصروها، فبعث أهلها يستصرخون سعيد بن حمدان نائب الموصل، فسار إليهم مسرعا، فوجد الروم قد كادوا يفتحونها، فلما علموا بقدومه رحلوا عنها واجتازوا بملطية فنهبوها، ورجعوا خاسئين إلى بلادهم ومعهم ابن نفيس المتنصر، وقد كان من أهل بغداد. وركب ابن حمدان في آثار القوم فدخل بلادهم فقتل خلقا كثيرا منهم وأسر وغنم أشياء كثيرة. قال ابن الأثير: وفي شوال من هذه السنة جاء سيل عظيم إلى تكريت ارتفع في أسواقها أربعة عشر شبرا، وغرق بسببه أربعمائة دار، وخلق لا يعلمهم إلا الله، حتى كان المسلمون والنصارى يدفنون جميعا، لا يعرف هذا من هذا. قال: وفيها هاجت بالموصل ريح محمرة ثم اسودت حتى كان الإنسان لا يبصر صاحبه نهارا، وظن الناس أنها القيامة ثم انجلى ذلك بمطر أرسله الله عليهم.
[وفيها توفى من الأعيان]
الحسين بن عبد الرحمن أبو عبد الله الأنطاكي قاضى ثغور الشام، يعرف بابن الصابوني، وكان ثقة نبيلا قدم بغداد وحدث بها.
[على بن الحسين بن حرب بن عيسى أبو عبيد بن حربويه]
تولى القضاء بمصر مدة طويلة جدا، وكان ثقة عالما من خيار القضاة وأعدلهم، تفقه على مذهب أبى ثور، وقد ذكرناه في طبقات الشافعية، وقد استعفى عن القضاء فعزل عنه في سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، ورجع إلى بغداد فأقام بها إلى أن مات في هذه السنة، في صفر منها، وصلى عليه أبو سعيد الإصطخري، ودفن بداره. قال الدار قطنى: حدث عنه أبو عبد الرحمن النسائي في الصحيح، ولعله مات قبله بعشرين سنة. وذكر من جلالته وفضله ﵀.
محمد بن الفضل بن العباس أبو عبد الله البلخي الزاهد. حكى عنه أنه مكث أربعين سنة لم يخط فيها خطوة في هوى نفسه، ولا نظر في شيء فاستحسنه حياء من الله ﷿، وأنه مكث ثلاثين سنة لم يمل على ملكيه قبيحا.
[محمد بن سعد أبو الحسين الوراق]
صاحب أبى عثمان النيسابورىّ، وكان فقيها يتكلم على المعاملات. ومن جيد كلامه قوله: من غض بصره عن محرم أورثه الله بذلك حكمة على لسانه يهتدى بها سامعوه، ومن غض نفسه عن شبهة نور الله قلبه نورا يهتدى به إلى طرق مرضاة الله.