للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قصة بيعة العقبة الثانية]

قال ابن إسحاق: ثم إن مصعب بن عمير رجع إلى مكة، وخرج من خرج من الأنصار من المسلمين مع حجاج قومهم من أهل الشرك حتى قدموا مكة فواعدوا رسول الله العقبة من أواسط أيام التشريق حين أراد الله بهم من كرامته والنصر لنبيه وإعزاز الإسلام وأهله.

فحدثني معبد بن كعب بن مالك أن أخاه عبد الله بن كعب - وكان من أعلم الأنصار - حدثه أن أباه كعبا حدثه - وكان ممن شهد العقبة وبايع رسول الله بها -. قال: خرجنا في حجاج قومنا من المشركين وقد صلينا وفقهنا ومعنا البراء بن معرور سيدنا وكبيرنا، فلما وجهنا لسفرنا وخرجنا من المدينة قال البراء: يا هؤلاء إني قد رأيت رأيا والله ما أدرى أتوافقوننى عليه أم لا؟ قلنا وما ذاك؟ قال قد رأيت أن لا أدع هذه البنية منى بظهر - يعنى الكعبة - وأن أصلى اليها قال فقلنا والله ما بلغنا أن نبينا يصلى إلا إلى الشام وما نريد أن نخالفه. فقال: إني لمصل اليها، قال فقلنا له لكنا لا نفعل. قال فكنا إذا حضرت الصلاة صلينا إلى الشام وصلّى هو إلى الكعبة حتى قدمنا مكة، قال لي يا ابن أخى انطلق بنا إلى رسول الله حتى أسأله عما صنعت في سفري هذا فإنه قد وقع في نفسي منه شيء. لما رأيت من خلافكم إياي فيه. قال فخرجنا نسأل عن رسول الله وكنا لا نعرفه ولم نره قبل ذلك - فلقينا رجلا من أهل مكة فسألناه عن رسول الله قال هل تعرفانه؟ فقلنا لا، فقال هل تعرفان العباس بن عبد المطلب عمه؟ قال قلنا نعم! وقد كنا نعرف العباس كان لا يزال يقدم علينا تاجرا، قال فإذا دخلتما المسجد فهو الرجل الجالس مع العباس قال فدخلنا المسجد وإذا العباس جالس ورسول الله جالس معه، فسلمنا ثم جلسنا اليه فقال رسول الله للعباس: «هل تعرف هذين الرجلين يا أبا الفضل؟» قال نعم، هذا البراء بن معرور سيد قومه وهذا كعب بن مالك قال فو الله ما أنسى قول رسول الله الشاعر؟ قال نعم! فقال له البراء بن معرور: يا نبي الله إني خرجت في سفري هذا قد هداني الله تعالى للإسلام، فرأيت أن لا أجعل هذه البنية منى بظهر فصليت اليها وقد خالفني أصحابى في ذلك حتى وقع في نفسي من ذلك شيء فماذا ترى؟ قال: «قد كنت على قبلة لو صبرت عليها» قال فرجع البراء إلى قبلة رسول الله فصلى معنا إلى الشام، قال وأهله يزعمون أنه صلّى إلى الكعبة حتى مات، وليس ذلك كما قالوا نحن أعلم به منهم.

قال كعب بن مالك: ثم خرجنا إلى الحج وكانت الليلة التي واعدنا رسول الله العقبة من أوسط أيام التشريق، فلما فرغنا من الحج الليلة التي واعدنا رسول الله فيها ومعنا عبد الله بن عمرو

<<  <  ج: ص:  >  >>