الله الا تردها على قواعد إبراهيم فقال لولا حدثان قومك وفي رواية لولا أن قومك حديث عهد بجاهلية أو قال بكفر لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله ولجعلت بابها بالأرض ولأدخلت فيها الحجر * وقد بناها ابن الزبير ﵀ في أيامه على ما أشار اليه رسول الله ﷺ حسبما أخبرته خالته عائشة أم المؤمنين عنه فلما قتله الحجاج في سنة ثلاث وسبعين كتب الى عبد الملك بن مروان الخليفة إذ ذاك فاعتقدوا ان ابن الزبير انما صنع ذلك من تلقاء نفسه فامر بردها الى ما كانت عليه فنقضوا الحائط الشامي وأخرجوا منها الحجر ثم سدوا الحائط وردموا الأحجار في جوف الكعبة فارتفع بابها الشرقي وسدوا الغربي بالكلية كما هو مشاهد الى اليوم ثم لما بلغهم أن ابن الزبير انما فعل هذا لما أخبرته عائشة أم المؤمنين ندموا على ما فعلوا وتأسفوا أن لو كانوا تركوه وما تولى من ذلك * ثم لما كان في زمن المهدي بن المنصور استشار الامام مالك بن أنس في ردها على الصفة التي بناها ابن الزبير فقال له إني أخشى أن يتخذها الملوك لعبة يعنى كلما جاء ملك بناها على الصفة التي يريد فاستقر الأمر على ما هي عليه اليوم
[ذكر ثناء الله ورسوله الكريم على عبده وخليله إبراهيم]
قال الله ﴿وَإِذِ اِبْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً. قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ﴾. لما وفي ما أمره ربه به من التكاليف العظيمة جعله للناس اماما يقتدون به ويأتمون بهداه وسأل الله أن تكون هذه الإمامة متصلة بسببه وباقية في نسبه وخالدة في عقبه فأجيب الى ما سأل ورام. وسلمت اليه الإمامة بزمام واستثنى من نيلها الظالمون واختص بها من ذريته العلماء العاملون كما قال تعالى ﴿وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ. وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ. وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصّالِحِينَ﴾ * وقال تعالى ﴿وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصّالِحِينَ * وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكلاًّ فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ * وَمِنْ آبائِهِمْ وَذُرِّيّاتِهِمْ وَإِخْوانِهِمْ وَاِجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾. فالضمير في قوله ومن ذريته عائد على إبراهيم على المشهور.
ولوط وان كان ابن أخيه الا أنه دخل في الذرية تغليبا. وهذا هو الحامل للقائل الآخر ان الضمير على نوح كما قدمنا في قصته والله أعلم. وقال تعالى ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ﴾