للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طالب، فسماه أبوه باسمه، وكناه بكنيته، وقيل إنه ولد في حياة على وهو الّذي سماه وكناه ولقبه بأبي الأملاك، فلما وفد على عبد الملك بن مروان أجلسه معه على السرير وسأله عن اسمه وكنيته فأخبره فقال له: ألك ولد؟ قال: نعم ولد لي ولد سميته محمدا، فقال له: أنت أبو محمد، وأجزل عطيته، وأحسن إليه. وقد كان على هذا في غاية العبادة والزهادة والعلم والعمل وحسن الشكل والعدالة والثقة كان يصلى في كل يوم وليلة ألف ركعة، قال عمرو بن على الفلاس: كان من خيار الناس، وكانت وفاته بالجهمة من أرض البلقاء في هذه السنة، وقد قارب الثمانين. وقد ذكر ابن خلكان أنه تزوج لبابة بنت عبد الله بن جعفر، التي كانت تحت عبد الملك بن مروان، فطلقها، وكان سبب طلاقه إياها أنه عض تفاحة ثم رمى بها إليها فأخذت السكين فحزت من التفاحة ما مس فمه منها، فقال: ولم تفعلين هذا؟ فقالت: أزيل الأذى عنها - وذلك لأن عبد الملك كان أبخر - فطلقها عبد الملك، فلما تزوجها على بن عبد الله بن عباس هذا نقم عليه الوليد بن عبد الملك لأجل ذلك، فضربه بالسياط، وقال إنما أردت أن تذل بنيها من الخلفاء، وضربه مرة ثانية لأنه اشتهر عنه أنه قال: الخلافة صائرة إلى بيته، فوقع الأمر كذلك. وذكر المبرد أنه دخل على هشام بن عبد الملك ومعه ابناه السفاح والمنصور وهما صغيران، فأكرمه هشام وأدنى مجلسه، وأطلق له مائة وثلاثين ألفا، وجعل على بن عبد الله يوصيه بابنيه خيرا، ويقول: إنهما سيليان الأمر، فجعل هشام يتعجب من سلامة باطنه وينسبه في ذلك إلى الحمق، فوقع الأمر كما قال. قالوا: وقد كان على في غاية الجمال وتمام القامة، كان بين الناس كأنه راكب، وكان إلى منكب أبيه عبد الله، وكان عبد الله إلى منكب أبيه العباس، وكان العباس إلى منكب أبيه عبد المطلب، وقد بايع كثير من الناس لابنه محمد بالخلافة قبل أن يموت على هذا قبل هذه السنة بسنوات، ولكن لم يظهر أمره حتى مات فقام بالأمر من بعده ولده عبد الله أبو العباس السفاح، وكان ظهوره في سنة اثنتين وثلاثين كما سيأتي إن شاء الله تعالى عمرو بن شعيب، وعبادة بن نسىّ، وأبو صخرة جامع بن شداد، وأبو عياش المعافري.

[ثم دخلت سنة تسع عشرة ومائة]

ففيها غزا الوليد بن القعقاع بلاد الروم. وفيها قتل أسد بن عبد الله القسري ملك الترك الأعظم خاقان، وكان سبب ذلك أن أسد بن عبد الله أمير خراسان عمل نيابة عن أخيه خالد بن عبد الله على العراق، ثم سار بجيوشه إلى مدينة ختّل فافتتحها، وتفرقت في أرضها جنوده يقتلون ويأسرون ويغنمون، فجاءت العيون إلى ملك الترك خاقان أن جيش أسد قد تفرق في بلاد ختّل، فاغتنم خاقان هذه الفرصة فركب من فوره في جنوده قاصدا إلى أسد، وتزود خاقان وأصحابه سلاحا كثيرا، وقديدا وملحا، وساروا في حنق عظيم، وجاء إلى أسد فأعلموه بقصد خاقان له في جيش عظيم

<<  <  ج: ص:  >  >>