للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ذو النور أيضا - وجعل على إحدى المجنبتين حذيفة بن أسيد، وعلى الأخرى بكير بن عبد الله الليثي - وكان قد تقدمهم إلى الباب - وعلى المقاسم سلمان بن ربيعة. فساروا كما أمرهم عمر وعلى تعبئته، فلما انتهى مقدم العساكر - وهو عبد الرحمن بن ربيعة - إلى الملك الّذي هناك عند الباب وهو شهربراز ملك أرمينية وهو من بيت الملك الّذي قتل بنى إسرائيل وغزا الشام في قديم الزمان، فكتب شهربراز لعبد الرحمن واستأمنه فأمنه عبد الرحمن بن ربيعة، فقدم عليه الملك، فأنهى إليه أنّ صغوه إلى المسلمين، وأنه مناصح للمسلمين. فقال له: إن فوقى رجلا فاذهب إليه. فبعثه إلى سراقة ابن عمرو أمير الجيش، فسأل من سراقة الأمان، فكتب إلى عمر فأجاز ما أعطاه من الأمان، واستحسنه، فكتب له سراقة كتابا بذلك. ثم بعث سراقة بكيرا، وحبيب بن مسلمة، وحذيفة ابن أسيد، وسلمان بن ربيعة، إلى أهل تلك الجبال المحيطة بأرمينية جبال اللان وتفليس وموقان، فافتتح بكير موقان، وكتب لهم كتاب أمان ومات في غضون ذلك أمير المسلمين لك، وهو سراقة بن عمرو، واستخلف بعده عبد الرحمن بن ربيعة، فلما بلغ عمر ذلك أقره على ذلك وأمره بغزو الترك.

[أول غزو الترك]

وهو تصديق الحديث المتقدم الثابت

في الصحيح عن أبى هريرة وعمرو بن تغلب، أن رسول الله قال: لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما عراض الوجوه، دلف الأنوف، حمر الوجوه، كأن وجوههم المجان المطرقة» وفي رواية «يبتلعون الشعر» لما جاء كتاب عمر إلى عبد الرحمن بن ربيعة يأمره بأن يغزو الترك، سار حتى قطع الباب قاصدا لما أمره عمر، فقال له شهربراز: أين تريد؟ قال: أريد ملك الترك بلنجر، فقال له شهربراز: إنا لنرضى منهم بالموادعة، ونحن من وراء الباب. فقال له عبد الرحمن: إن الله بعث إلينا رسولا، ووعدنا على لسانه بالنصر والظفر، ونحن لا نزال منصورين، فقاتل الترك وسار في بلاد بلنجر مائتي فرسخ، وغزا مرات متعددة. ثم كانت له وقائع هائلة في زمن عثمان كما سنورده في موضعه إن شاء الله تعالى.

وقال سيف بن عمر عن الغصن بن القاسم عن رجل عن سلمان بن ربيعة. قال: لما دخل عليهم عبد الرحمن بن ربيعة بلادهم حال الله بين الترك والخروج عليه، وقالوا: ما اجترأ علينا هذا الرجل إلا ومعهم الملائكة تمنعهم من الموت. فتحصنوا منه وهربوا بالغنم والظفر. ثم إنه غزاهم غزوات في زمن عثمان فظفر بهم، كما كان يظفر بغيرهم. فلما ولى عثمان على الكوفة بعض من كان ارتد، غزاهم فتذامرت الترك وقال بعضهم لبعض: إنهم لا يموتون، قال: انظروا وفعلوا فاختفوا لهم في الغياض.

<<  <  ج: ص:  >  >>