هناك جمعا كثيرا من المشركين فَاقْتَتَلُوا عِنْدَ سَفْحِ جَبَلِ الرَّيِّ فَصَبَرُوا صَبْرًا عظيما ثم انهزموا فقتل منهم النعمان بْنُ مُقَرِّنٍ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً بِحَيْثُ عُدُّوا بِالْقَصَبِ فِيهَا، وَغَنِمُوا مِنْهُمْ غَنِيمَةً عَظِيمَةً قَرِيبًا مِمَّا غنم المسلمون من المدائن. وصالح أَبُو الْفَرُّخَانِ عَلَى الرَّيِّ، وَكَتَبَ لَهُ أَمَانًا بِذَلِكَ، ثُمَّ كَتَبَ نُعَيْمٌ إِلَى عُمَرَ بِالْفَتْحِ ثُمَّ بِالْأَخْمَاسِ وللَّه الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
فَتْحُ قَوْمِسَ
وَلَمَّا وَرَدَ الْبَشِيرُ بِفَتْحِ الرَّيِّ وَأَخْمَاسِهَا كَتَبَ عُمَرُ إِلَى نُعَيْمِ بْنِ مُقَرِّنٍ أَنْ يَبْعَثَ أَخَاهُ سُوَيْدَ بْنَ مُقَرِّنٍ إِلَى قَوْمِسَ. فَسَارَ إِلَيْهَا سُوَيْدٌ، فَلَمْ يَقُمْ لَهُ شَيْءٌ حَتَّى أَخَذَهَا سِلْمًا وَعَسْكَرَ بِهَا وَكَتَبَ لِأَهْلِهَا كِتَابَ أَمَانٍ وَصُلْحٍ.
فَتْحُ جُرْجَانَ
لَمَّا عَسْكَرَ سُوَيْدٌ بِقُومِسَ بَعَثَ إِلَيْهِ أَهْلُ بُلْدَانٍ شَتَّى مِنْهَا جُرْجَانُ وَطَبَرِسْتَانُ وَغَيْرُهَا يَسْأَلُونَهُ الصُّلْحَ عَلَى الْجِزْيَةِ، فَصَالَحَ الْجَمِيعَ وَكَتَبَ لِأَهْلِ كُلِّ بَلْدَةٍ كِتَابَ أَمَانٍ وَصُلْحٍ. وَحَكَى الْمَدَائِنِيُّ أَنَّ جُرْجَانَ فُتِحَتْ فِي سَنَةِ ثَلَاثِينَ أَيَّامَ عُثْمَانَ فاللَّه أَعْلَمُ.
وَهَذَا فَتْحُ أَذْرَبِيجَانَ
لَمَّا افْتَتَحَ نُعَيْمُ بْنُ مُقَرِّنٍ هَمَذَانَ ثُمَّ الرَّيَّ، وَكَانَ قَدْ بَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ بُكَيْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ هَمَذَانَ إِلَى أَذْرَبِيجَانَ، وَأَرْدَفَهُ بِسِمَاكِ بْنِ خَرَشَةَ، فلقى أسفنديار بْنُ الْفَرُّخْزَاذِ بُكَيْرًا وَأَصْحَابَهُ، قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِمْ سِمَاكٌ، فَاقْتَتَلُوا فَهَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ، وَأَسَرَ بُكَيْرٌ إِسْفَنْدِيَاذَ، فَقَالَ لَهُ إِسْفَنْدِيَاذُ: الصُّلْحُ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمِ الْحَرْبُ؟ فَقَالَ: بَلِ الصُّلْحُ. قَالَ: فَأَمْسِكْنِي عِنْدَكَ. فَأَمْسَكَهُ ثُمَّ جَعَلَ يَفْتَحُ بَلَدًا بَلَدًا وَعُتْبَةُ بْنُ فَرْقَدٍ أَيْضًا يَفْتَحُ مَعَهُ بَلَدًا بَلَدًا فِي مُقَابَلَتِهِ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ. ثُمَّ جَاءَ كِتَابُ عُمَرَ بِأَنْ يَتَقَدَّمَ بُكَيْرٌ إِلَى الْبَابِ وَجَعْلِ سِمَاكٍ مَوْضِعَهُ نَائِبًا لِعُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ، وَجَمَعَ عُمَرُ أَذْرَبِيجَانَ كُلَّهَا لِعُتْبَةَ بن فرقد، وسلم إليه بكير اسفندياذ، وسار كَمَا أَمَرَهُ عُمَرُ إِلَى الْبَابِ. قَالُوا: وَقَدْ كَانَ اعْتَرَضَ بَهْرَامُ بْنُ فَرُّخْزَاذَ لِعُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ فَهَزَمَهُ عُتْبَةُ وَهَرَبَ بَهْرَامُ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ إِسْفَنْدِيَاذَ وَهُوَ فِي الْأَسْرِ عِنْدَ بُكَيْرٍ قَالَ: الْآنَ تَمَّ الصُّلْحُ وَطَفِئَتِ الْحَرْبُ. فَصَالَحَهُ فَأَجَابَ إِلَى ذَلِكَ كُلُّهُمْ. وَعَادَتْ أَذْرَبِيجَانُ سِلْمًا، وَكَتَبَ بِذَلِكَ عُتْبَةُ وَبُكَيْرٌ إِلَى عُمَرَ، وَبَعَثُوا بالأخماس إليه، وكتب عتبة حين انتهت إِمْرَةُ أَذْرَبِيجَانَ لِأَهْلِهَا كِتَابَ أَمَانٍ وَصُلْحٍ.
فَتْحُ الْبَابِ
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَزَعَمَ سَيْفٌ أَنَّهُ كَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ كِتَابًا بِالْإِمْرَةِ عَلَى هَذِهِ الْغَزْوَةِ لِسُرَاقَةَ بْنِ عَمْرٍو- الْمُلَقَّبِ بِذِي النُّورِ- وَجَعَلَ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ رَبِيعَةَ، وَيُقَالُ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute