للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتزوا رأسه واتركوا جثته في القتلى، فقال ابنه: لا والله لا تأكل أبى الكلاب. وقال بعضهم:

ادفنوه في العباسية، وقال بعضهم: ادفنوه في الحفرة التي يؤخذ منها الطين، ففعلوا ذلك وأجروا على قبره الماء لئلا يعرف، وانفتل أصحابه حيث لم يبق لهم رأس يقاتلون به، فما أصبح الفجر ولهم قائمة ينهضون بها، وتتبع يوسف بن عمر الجرحى هل يجد زيدا بينهم، وجاء مولى لزيد سندي قد شهد دفنه فدل على قبره فأخذ من قبره، فأمر يوسف بن عمر بصلبه على خشبة بالكناسة، ومعه نصر بن خزيمة ومعاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة الأنصاري، وزياد النهدي، ويقال إن زيدا مكث مصلوبا أربع سنين، ثم أنزل بعد ذلك وأحرق فالله أعلم. وقد ذكر أبو جعفر ابن جرير الطبري أن يوسف بن عمر لم يعلم بشيء من ذلك حتى كتب له هشام بن عبد الملك: إنك لغافل، وإن زيد ابن على غارز ذنبه بالكوفة يبايع له، فألح في طلبه وأعطه الأمان، وإن لم يقبل فقاتله، فتطلبه يوسف حتى كان من أمره ما تقدم، فلما ظهر على قبره حز رأسه وبعثه إلى هشام، وقام من بعده الوليد ابن يزيد فأمر به فأنزل وحرق في أيامه قبح الله الوليد بن يزيد. فأما ابنه يحيى بن زيد بن على فاستجار بعبد الملك بن بشر بن مروان، فبعث إليه يوسف بن عمر يتهدده حتى يحضره، فقال له عبد الملك ابن بشر: ما كنت لآوى مثل هذا الرجل وهو عدونا وابن عدونا. فصدقه يوسف بن عمر في ذلك، ولما هدأ الطلب عنه سيره إلى خراسان فخرج يحيى بن زيد في جماعة من الزيدية إلى خراسان فأقاموا بها هذه المدة.

قال أبو مخنف: ولما قتل زيد خطب يوسف بن عمر أهل الكوفة فنهددهم وتوعدهم وشتمهم وقال لهم فيما قال: والله لقد استأذنت أمير المؤمنين في قتل خلق منكم، ولو أذن لي لقتلت مقاتلتكم وسبيت ذراريكم، وما صعدت لهذا المنبر إلا لأسمعكم ما تكرهون.

قال ابن جرير: وفي هذه السنة قتل عبد الله البطال في جماعة من المسلمين بأرض الروم، ولم يزد ابن جرير على هذا، وقد ذكر هذا الرجل الحافظ ابن عساكر في تاريخه الكبير فقال:

[عبد الله أبو يحيى المعروف بالبطال]

كان ينزل أنطاكية، حكى عنه أبو مروان الأنطاكي، ثم روى باسناده أن عبد الملك بن مروان حين عقد لابنه مسلمة على غزو بلاد الروم، ولى على رؤساء أهل الجزيرة والشام البطال، وقال لابنه: سيره على طلائعك، وامره فليعس بالليل العسكر، فإنه أمين ثقة مقدام شجاع. وخرج معهم عبد الملك يشيعهم إلى باب دمشق. قال: فقدم مسلمة البطال على عشرة آلاف يكونون بين يديه ترسا من الروم أن يصلوا إلى جيش المسلمين. قال محمد بن عائذ الدمشقيّ: ثنا الوليد بن مسلمة حدثني أبو مروان - شيخ من أهل أنطاكية - قال: كنت أغازى مع البطال وقد أوطأ الروم ذلا،

<<  <  ج: ص:  >  >>