وَخَرِبَتْ دَوْرٌ كَثِيرَةٌ، وَظَهَرَ فِي آخِرِ نِيسَانَ وَشَهْرِ أَيَّارَ جَرَادٌ كَثِيرٌ أَتْلَفَ الْغَلَّاتِ الصَّيْفِيَّةَ وَالثِّمَارَ. وَدَخَلَتِ الرُّومُ آمِدَ، وَمَيَّافَارِقِينَ، فَقَتَلُوا أَلْفًا وخمسمائة إنسان، وأخذوا مدينة سمساط وأخربوها. وَفِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا رَكِبَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ إِلَى الْمَوْصِلِ فَأَخَذَهَا مِنْ يَدِ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ، وَهَرَبَ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ إِلَى نَصِيبِينَ، ثُمَّ إِلَى مَيَّافَارِقِينَ، فلحقه معز الدولة فصار إلى حلب إلى عند أخيه سيف الدولة، ثم أرسل سيف الدولة إلى مُعِزَّ الدَّوْلَةِ فِي الْمُصَالَحَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ، فوقع الصلح على أن يحمل ناصر الدولة في كُلِّ سَنَةٍ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَتِسْعِمِائَةِ أَلْفٍ، وَرَجَعَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ إِلَى بَغْدَادَ بَعْدَ انْعِقَادِ الصُّلْحِ، وقد امتلأت البلاد رفضا وسبا للصحابة من بنى بويه وبنى حمدان والفاطميين، وكل ملوك البلاد مصرا وشاما وعراقا وخراسان وغير ذلك من البلاد، كانوا رفضا، وكذلك الحجاز وغيره، وغالب بلاد المغرب، فكثر السب والتكفير منهم للصحابة.
وَفِيهَا بَعَثَ الْمُعِزُّ الْفَاطِمِيُّ مَوْلَاهُ أَبَا الْحَسَنِ جوهر القائد في جيوش معه ومعه زيري بن هناد الصنهاجى ففتحوا بلادا كثيرة من أقصى بلاد الْمَغْرِبِ، حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى الْبَحْرِ الْمُحِيطِ، فَأَمَرَ جَوْهَرُ بِأَنْ يُصْطَادَ لَهُ مِنْهُ سَمَكٌ، فَأَرْسَلَ بِهِ فِي قِلَالِ الْمَاءِ إِلَى الْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ، وحظي عنده جوهر وعظم شأنه حتى صار بمنزلة الوزير.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ.
الزُّبَيْرُ بْنُ عبد الرحمن
ابن مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. أبو عبد الله الأستراباذيّ، رَحَلَ وَسَمِعَ الْحَدِيثَ وَطَوَّفَ الْأَقَالِيمَ، سَمِعَ الْحَسَنَ بْنَ سُفْيَانَ وَابْنَ خُزَيْمَةَ وَأَبَا يَعْلَى وَخَلْقًا، وَكَانَ حَافِظًا مُتْقِنًا صَدُوقًا، صَنَّفَ الشُّرُوحَ وَالْأَبْوَابَ.
أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ
صَاحِبُ تَارِيخِ مِصْرَ. هو عبد الرحمن بْنِ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ الْمِصْرِيُّ الْمُؤَرِّخُ، كَانَ حَافِظًا مُكْثِرًا خَبِيرًا بِأَيَّامِ النَّاسِ وَتَوَارِيخِهِمْ، لَهُ تَارِيخٌ مُفِيدٌ جِدًّا لِأَهْلِ مِصْرَ وَمَنْ وَرَدَ إِلَيْهَا. وَلَهُ وَلَدٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيٌّ، كَانَ مُنَجِّمًا لَهُ زِيجٌ مُفِيدٌ يَرْجِعُ إِلَيْهِ أَصْحَابُ هَذَا الْفَنِّ، كَمَا يرجع أصحاب الحديث إِلَى أَقْوَالِ أَبِيهِ وَمَا يُؤَرِّخُهُ وَيَنْقُلُهُ وَيَحْكِيهِ، ولد الصدفي سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَتُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ السَّادِسَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الآخرة في القاهرة.
ابْنُ دَرَسْتَوَيْهِ النَّحْوِيُّ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دَرَسْتَوَيْهِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ النَّحْوِيُّ، سَكَنَ بَغْدَادَ وَسَمِعَ عَبَّاسًا الدُّورِيَّ وَابْنَ قتيبة والمبرد، وسمع منه الدار قطنى وَغَيْرُهُ مِنَ الْحُفَّاظِ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، منهم أبو عبد الله بن مندة، توفى في صفر منها، وذكر له ابْنُ خَلِّكَانَ مُصَنَّفَاتٍ كَثِيرَةً مُفِيدَةً، فِيمَا يَتَعَلَّقُ باللغة والنحو وغيره.