وخاليه محمد وسلطان، فلو كان ذلك صحيحا لما خفي على ابن عساكر، اشتغل ابن الزكي على القاضي شرف الدين أبى سعد عبد الله بن محمد بن أبى عصرون، وناب عنه في الحكم، وهو أول من ترك النيابة، وهو أول من خطب بالقدس لما فتح كما تقدم، ثم تولى قضاء دمشق وأضيف إليه قضاء حلب أيضا، وكان ناظر أوقاف الجامع، وعزل عنها قبل وفاته بشهور، ووليها شمس الدين بن الليثي ضمانا، وقد كان ابن الزكي ينهى الطلبة عن الاشتغال بالمنطق وعلم الكلام، ويمزق كتب من كان عنده شيء من ذلك بالمدرسة النورية، وكان يحفظ العقيدة المسماة بالمصباح للغزالى، ويحفظها أولاده أيضا، وكان له درس في التفسير يذكره بالكلاسة، تجاه تربة صلاح الدين، ووقع بينه وبين الإسماعيلية فأرادوا قتله فاتخذ له بابا من داره إلى الجامع ليخرج منه إلى الصلاة، ثم إنه خولط في عقله، فكان يعتريه شبه الصرع إلى أن توفى في شعبان من هذه السنة، ودفن بتربته بسفح قائسون ويقال إن الحافظ عبد الغنى دعا عليه فحصل له هذا الداء العضال، ومات، وكذلك الخطيب الدولعى توفى فيها وهما اللذان قاما على الحافظ عبد الغنى فماتا في هذه السنة، فكانا عبرة لغيرهما.
[الخطيب الدولعى]
ضياء الدين أبو القاسم عبد الملك بن زيد بن ياسين الثعلبي الدولعى، نسبة إلى قرية بالموصل، يقال لها الدولعية، ولد بها في سنة ثمان عشرة وخمسمائة، وتفقه ببغداد على مذهب الشافعيّ وسمع الحديث فسمع الترمذي على أبى الفتح الكروجي، والنسائي على أبى الحسن على بن أحمد البردي ثم قدم دمشق فولى بها الخطابة وتدريس الغزالية، وكان زاهدا متورعا حسن الطريقة مهيبا في الحق، توفى يوم الثلاثاء تاسع عشر ربيع الأول، ودفن بمقبرة باب الصغير عند قبور الشهداء، وكان يوم جنازته يوما مشهودا، وتولى بعده الخطابة ولد أخيه محمد بن أبى الفضل بن زيد سبعا وثلاثين سنة، وقيل ولده جمال الدين محمد وقد كان ابن الزكي ولى ولده الزكي فصلى صلاة واحدة فتشفع جمال الدين بالأمير علم الدين أخى العادل، فولاه إياها فبقي فيها إلى أن توفى سنة خمس وثلاثين وستمائة.
[الشيخ على بن على بن عليش]
اليمنى العابد الزاهد، كان مقيما شرقى الكلاسة، وكانت له أحوال وكرامات، نقلها الشيخ علم الدين السخاوي عنه، ساقها أبو شامة عنه.
[الصدر أبو الثناء حماد بن هبة الله]
ابن حماد الحراني، التاجر، ولد سنة إحدى عشرة عام نور الدين الشهيد، وسمع الحديث ببغداد ومصر وغيرها من البلاد، وتوفى في ذي الحجة، ومن شعره قوله:
تنقل المرء في الآفاق يكسبه … محاسنا لم يكن منها ببلدته