ومائة سبع مع السباعة، ثم أدخل إلى دار الشجرة، وهي عبارة عن بركة فيها ماء صاف وفي وسط ذلك الماء شجرة من ذهب وفضة لها ثمانية عشر غصنا أكثرها من ذهب، وفي الأغصان الشماريخ والأوراق الملونة من الذهب والفضة واللآلي واليواقيت، وهي تصوت بأنواع الأصوات من الماء المسلط عليها، والشجرة بكمالها تتمايل كما تتمايل الأشجار بحركات عجيبة تدهش من يراها، ثم أدخل إلى مكان يسمونه الفردوس، فيه من أنواع المفارش والآلات ما لا يحد ولا يوصف كثرة وحسنا.
وفي دهاليزه ثمانية عشر ألف جوشن مذهبة. فما زال كلما مر على مكان أدهشه وأخذ ببصره حتى انتهى إلى المكان الّذي فيه الخليفة المقتدر بالله، وهو جالس على سرير من آبنوس، قد فرش بالديبقى المطرز بالذهب، وعن يمين السرير سبعة عشر عنقود معلقة، وعن يساره مثلها وهي جوهر من أفخر الجواهر، كل جوهرة يعلو ضوؤها على ضوء النهار، ليس لواحدة منها قيمة ولا يستطاع ثمنها، فأوقف الرسول والذين معه بين يدي الخليفة على نحو من مائة ذراع، والوزير على بن محمد بن الفرات واقف بين يدي الخليفة، والترجمان دون الوزير، والوزير يخاطب الترجمان والترجمان يخاطبهما، فلما فرغ منهما خلع عليهما وأطلق لهما خمسين سقرقا في كل سقرق خمسة آلاف درهم، وأخرجا من بين يديه وطيف بهما في بقية دار الخلافة، وعلى حافات دجلة الفيلة والزرافات والسباع والفهود وغير ذلك، ودجلة داخله في دار الخلافة، وهذا من أغرب ما وقع من الحوادث في هذه السنة. وحج بالناس فيها الفضل الهاشمي.
[وفيها توفى من الأعيان]
[محمد بن أحمد أبو موسى]
النحويّ الكوفي المعروف بالجاحظ، صحب ثعلبا أربعين سنة وخلفه في حلقته، وصنف غريب الحديث، وخلق الإنسان، والوحوش والنبات، وكان دينا صالحا، روى عنه أبو عمر الزاهد. توفى ببغداد في ذي الحجة منها، ودفن بباب التين.
وعبد الله بشرويه الحافظ، وعمران بن مجاشع، وأبو خليفة الفضل بن الحباب. وقاسم بن زكريا ابن يحيى المطرز المقري أحد الثقات الأثبات، سمع أبا كريب، وسويد بن سعيد، وعنه الخلدى وأبو الجعانى توفى ببغداد.
[ثم دخلت سنة ست وثلاثمائة]
في أول يوم من المحرم فتح المارستان الّذي بنته السيدة أم المقتدر وجلس فيه سنان بن ثابت ورتبت فيه الأطباء والخدم والقومة، وكانت نفقته في كل شهر ستمائة دينار، وأشار سنان على الخليفة ببناء مارستان، فقبل منه وبناه وسماه المقتدري. وفيها وردت الأخبار عن أمراء الصوائف بما فتح الله عليهم من الحصون في بلاد الروم. وفيها رجفت العامة وشنعوا بموت المقتدر، فركب في الجحافل حتى بلغ الثريا ورجع من باب العامة ووقف كثيرا ليراه الناس، ثم ركب إلى الشماسية وانحدر إلى دار الخلافة في دجلة فسكنت الفتن. وفيها قلد المقتدر حامد بن العباس الوزارة وخلع عليه وخرج من