سورة نزلت جميعها كما قال والله أعلم. وقد تكلمنا على تفسير هذه السورة الكريمة بما فيه كفاية ولله الحمد والمنة. وقال البخاري ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبى قلابة عن عمرو ابن سلمة - قال لي أبو قلابة: ألا تلقاه فتسأله فلقيته فسألته - قال كنا بماء ممر الناس، وكان يمر بنا الركبان فنسألهم ما للناس ما للناس؟ ما هذا الرجل؟ فيقولون يزعم أن الله أرسله وأوحى اليه كذا، فكنت أحفظ ذاك الكلام فكأنما يغرى في صدري، وكانت العرب تلوّم بإسلامهم الفتح فيقولون اتركوه وقومه فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق، فلما كانت وقعة أهل الفتح بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر أبى قومي بإسلامهم، فلما قدم قال: جئتكم والله من عند النبي حقا. قال صلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا منى لما كنت أتلقى من الركبان، فقدموني بين أيديهم وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت على بردة إذا سجدت تقلصت عنى، فقالت امرأة من الحي: ألا تغطون عنا است قارئكم؟ فاشتروا فقطعوا لي قميصا فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص.
تفرد به البخاري دون مسلم.
بسم الله الرحمن الرحيم،
[غزوة هوازن يوم حنين]
قال الله تعالى ﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ * ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. وقد ذكر محمد بن إسحاق بن يسار في كتابه أن خروج رسول الله ﷺ الى هوازن بعد الفتح في خامس شوال سنة ثمان، وزعم أن الفتح كان لعشر بقين من شهر رمضان قبل خروجه اليهم خمس عشرة ليلة وهكذا روى عن ابن مسعود وبه قال عروة بن الزبير واختاره احمد وابن جرير في تاريخه. وقال الواقدي: خرج رسول الله ﷺ الى هوازن لست خلون من شوال فانتهى الى حنين في عاشره. وقال أبو بكر الصديق لن نغلب اليوم من قلة!! فانهزموا فكان أول من انهزم بنو سليم ثم أهل مكة ثم بقية الناس.
قال ابن إسحاق: ولما سمعت هوازن برسول الله ﷺ وما فتح الله عليه من مكة جمعها ملكها مالك بن عوف النصري فاجتمع اليه مع هوازن ثقيف كلها واجتمعت نصر وجشم كلها وسعد بن بكر وناس من بنى هلال وهم قليل ولم يشهدها من قيس عيلان الا هؤلاء، وغاب عنها ولم يحضرها من هوازن كعب وكلاب ولم يشهدها منهم أحد له اسم وفي بنى جشم دريد بن الصمة شيخ كبير ليس فيه شيء