للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتاطوا على بنى الداية شمس الدين بن الداية أخو مجد الدين الّذي كان رضيع نور الدين، وإخوته الثلاثة، وقد كان شمس الدين على بن الداية يظن أن ابن نور الدين يسلم إليه فيربيه، لأنه أحق الناس بذلك، فخيبوا ظنه وسجنوه وإخوته في الجب، فكتب الملك صلاح الدين إلى الأمراء [يلومهم] على ما فعلوا من نقل الولد من دمشق إلى حلب، ومن حبسهم بنى الداية وهم من خيار الأمراء ورءوس الكبراء، ولم لا يسلموا الولد إلى مجد الدين بن الداية الّذي هو أحظى عند نور الدين وعند الناس منهم. فكتبوا إليه يسيئون الأدب عليه، وكل ذلك يزيده حنقا عليهم، ويحرضه على القدوم إليهم، ولكنه في الوقت في شغل شاغل لما دهمه ببلاد مصر من الأمر الهائل، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في أول السنة الآتية

[وممن توفى فيها من الأعيان]

والمشاهير.

[الحسن بن الحسن]

ابن أحمد بن محمد العطار، أبو العلاء الهمدانيّ الحافظ، سمع الكثير ورحل إلى بلدان كثيرة، اجتمع بالمشايخ وقدم بغداد وحصل الكتب الكثيرة، واشتغل بعلم القراءات واللغة، حتى صار أوحد زمانه في علمي الكتاب والسنة، وصنف الكتب الكثيرة المفيدة، وكان على طريقة حسنة سخيا عابدا زاهدا صحيح الاعتقاد حسن السمت، له ببلده المكانة والقبول التام، وكانت وفاته ليلة الخميس الحادي عشر من جماد الآخرة من هذه السنة، وقد جاوز الثمانين بأربعة أشهر وأيام. قال ابن الجوزي: وقد بلغني أنه رئي في المنام أنه في مدينة جميع جدرانها كتب وحوله كتب لا تعد ولا تحصى، وهو مشتغل بمطالعتها، فقيل له: ما هذا؟ فقال سألت الله أن يشغلني بما كنت أشتغل به في الدنيا فأعطانى. وفيها توفى

[الأهوازي]

خازن كتب مشهد أبى حنيفة ببغداد، توفى فجأة في ربيع الأول من هذه السنة.

[محمود بن زنكي بن آقسنقر]

السلطان الملك العادل نور الدين، صاحب بلاد الشام وغيرها من البلدان الكثيرة الواسعة، كان مجاهدا في الفرنج، آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر، محبا للعلماء والفقراء والصالحين، مبغضا للظلم، صحيح الاعتقاد مؤثرا لأفعال الخير، لا يجسر أحد أن يظلم أحدا في زمانه، وكان قد قمع المناكر وأهلها، ورفع العلم والشرع، وكان مدمنا لقيام الليل يصوم كثيرا، ويمنع نفسه عن الشهوات، وكان يحب التيسير على المسلمين، ويرسل البر إلى العلماء والفقراء والمساكين والأيتام والأرامل، وليست الدنيا عنده بشيء وبل ثراه بالرحمة والرضوان. قال ابن الجوزي: استرجع نور الدين محمود بن زنكي رحمه الله تعالى من أيدي الكفار نيفا وخمسين مدينة، وقد كان يكاتبني وأكاتبه، قال: ولما

<<  <  ج: ص:  >  >>