﴿قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللهُ عَلى مَنْ يَشاءُ﴾ الآية. فكان قتل أبى جهل على يدي شاب من الأنصار، ثم بعد ذلك يوقف عليه عبد الله بن مسعود ومسك بلحيته وصعد على صدره حتى قال له لقد رقيت مرتقى صعبا يا رويعى الغنم، ثم بعد هذا حز رأسه واحتمله حتى وضعه بين يدي رسول الله فشفى الله به قلوب المؤمنين، كان هذا أبلغ من أن تأتيه صاعقة أو أن يسقط عليه سقف منزله أو يموت حتف أنفه والله أعلم.
وقد ذكر ابن إسحاق فيمن قتل يوم بدر مع المشركين ممن كان مسلما ولكنه خرج معهم تقية منهم لانه كان فيهم مضطهدا قد فتنوه عن إسلامه جماعة منهم، الحارث بن زمعة بن الأسود، وأبو قيس بن الفاكه [وأبو قيس بن الوليد بن المغيرة (١)] وعلى بن أمية بن خلف، والعاص بن منبه بن الحجاج. قال وفيهم نزل قوله تعالى ﴿الَّذِينَ تَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً﴾ وكان جملة الأسارى يومئذ سبعين أسيرا كما سيأتي الكلام عليهم فيما بعد إن شاء الله منهم من آل رسول ﷺ عمه العباس بن عبد المطلب، وابن عمه عقيل بن أبى طالب، ونوفل بن الحارث ابن عبد المطلب، وقد استدل الشافعيّ والبخاري وغيرهما بذلك على أنه ليس كل من ملك ذا رحم محرم يعتق عليه وعارضوا به حديث الحسن عن ابن سمرة في ذلك فالله أعلم. وكان فيهم أبو العاص ابن الربيع بن عبد شمس بن أمية زوج زينب بنت النبي ﷺ.
[فصل]
وقد اختلف الصحابة في الأسارى أيقتلون أو يفادون على قولين، كما
قال الامام احمد حدثنا على بن عاصم عن حميد عن أنس - وذكر رجل - عن الحسن. قال استشار رسول الله ﷺ الناس في الأسارى يوم بدر فقال «إن الله قد أمكنكم منهم» قال فقام عمر فقال يا رسول الله اضرب أعناقهم، قال فاعرض عنه النبي ﷺ، ثم عاد النبي فقال للناس مثل ذلك، فقام أبو بكر الصديق فقال يا رسول نرى أن تعفو عنهم وأن تقبل منهم الفداء. قال فذهب عن وجه رسول الله ﷺ ما كان فيه من الغم فعفا عنهم وقبل منهم الفداء. قال وأنزل الله تعالى ﴿لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ﴾ الآية، انفرد به احمد. وقد
روى الامام احمد - واللفظ له - ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه وكذا على بن المديني وصححه من حديث عكرمة بن عمار حدثنا سماك الحنفي أبو زميل حدثني