للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثماني عشرة ومائتين، وكان إذ ذاك مريضا، وهو الّذي صلى على أخيه المأمون، وقد سعى بعض الأمراء في ولاية العباس بن المأمون فخرج عليهم العباس فقال: ما هذا الخلف البارد؟ أنا قد بايعت عمى المعتصم. فسكن الناس وخمدت الفتنة وركب البرد بالبيعة للمعتصم إلى الآفاق، وبالتعزية بالمأمون. فأمر المعتصم بهدم ما كان بناه المأمون في مدينة طوانة، ونقل ما كان حول إليها من السلاح وغيره إلى حصون المسلمين، وأذن الفعلة بالانصراف إلى بلدانهم، ثم ركب المعتصم بالجنود قاصدا بغداد وصحبته العباس بن المأمون، فدخلها يوم السبت مستهل رمضان في أبهة عظيمة وتجمل تام.

وفيها دخل خلق كثير من أهل همذان وأصبهان وماسبذان ومهرجان في دين الخرمية، فتجمع منهم بشر كثير، فجهز إليهم المعتصم جيوشا كثيرة آخرهم إسحاق بن إبراهيم بن مصعب في جيش عظيم، وعقد له على الجبال، فخرج في ذي القعدة وقرئ كتابه بالفتح يوم التروية، وأنه قهر الخرمية وقتل منهم خلقا كثيرا، وهرب بقيتهم إلى بلاد الروم، وعلى يدي هذا جرت فتنة الامام أحمد وضرب بين يديه كما سيأتي بسط ذلك في ترجمة أحمد في سنة إحدى وأربعين ومائتين.

[وفيها توفى من الأعيان]

[بشر المريسي]

وهو بشر بن غياث بن أبى كريمة أبو عبد الرحمن المريسي المتكلم شيخ المعتزلة، وأحد من أضل المأمون، وقد كان هذا الرجل ينظر أولاد في شيء من الفقه، وأخذ عن أبى يوسف القاضي، وروى الحديث عنه وعن حماد بن سلمة وسفيان بن عيينة وغيرهم، ثم غلب عليه علم الكلام، وقد نهاه الشافعيّ عن تعلمه وتعاطيه فلم يقبل منه، وقال الشافعيّ: لئن يلقى الله العبد بكل ذنب ما عدا الشرك أحب إلى من أن يلقاه بعلم الكلام. وقد اجتمع بشر بالشافعي عند ما قدم بغداد. قال ابن خلكان: جدد القول بخلق القرآن وحكى عنه أقوال شنيعة، وكان مرجئيا وإليه تنسب المريسية من المرجئة، وكان يقول: إن السجود للشمس والقمر ليس بكفر، وإنما هو علامة للكفر، وكان يناظر الشافعيّ وكان لا يحسن النحو، وكان يلحن لحنا فاحشا. ويقال: إن أباه كان يهوديا صباغا بالكوفة، وكان يسكن درب المريسي ببغداد. والمريسي عندهم هو الخبز الرقاق يمرس بالسمن والتمر.

قال: ومريس ناحية ببلاد النوبة تهب عليها في الشتاء ريح باردة وفيها توفى عبد الله بن يوسف الشيبى. وأبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر الغساني الدمشقيّ.

ويحيى بن عبد الله البابلتي.

وأبو محمد بن عبد الملك بن هشام بن أيوب الحيريّ المعافري

راوي السيرة عن زياد بن عبد الله البكائي عن ابن إسحاق مصنفها، وإنما نسبت إليه فيقال سيرة ابن هشام، لأنه هذبها وزاد فيها ونقص منها، وحرر أماكن واستدرك أشياء. وكان إماما في

<<  <  ج: ص:  >  >>