للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدماء، فو الله ما بالغت في عقوبة أهل المعصية، ولا قضيت حق أهل الطاعة، فان كان ذلك سرفا فليحدّ لي أمير المؤمنين حدا أنتهي إليه ولا أتجاوزه، وكتب في أسفل الكتاب:

إذا أنا لم أطلب رضاك وأتقى … أذاك فيومى لا توارت كواكبه

إذا قارف الحجاج فيك خطيئة … فقامت عليه في الصباح نوادبه

أسالم من سالمت من ذي هوادة … ومن لا تسالمه فانى محاربه

إذا أنا لم أدن الشفيق لنصحه … وأقص الّذي تسرى إلى عقاربه

فمن يتقى يومى ويرجو إذا غدي … على ما أرى والدهر جم عجائبه

وعن الشافعيّ أنه قال قال الوليد بن عبد الملك للغاز بن ربيعة أن يسأل الحجاج فيما بينه وبينه:

هل يجد في نفسه مما أصاب من الدنيا شيئا؟ فسأله كما أمره، فقال: والله ما أحب أن لي لبنان أو سبير ذهبا أنفقه في سبيل الله مكان ما أبلانى الله من الطاعة، والله أعلم.

[فصل]

فيما روى عنه من الكلمات النافعة والجراءة البالغة قال أبو داود: ثنا محمد بن العلاء ثنا أبو بكر عن عاصم قال سمعت الحجاج وهو على المنبر يقول:

اتّقوا الله ما استطعتم، ليس فيها مثنوية، واسمعوا وأطيعوا ليس فيها مثنوية لأمير المؤمنين عبد الملك، والله لو أمرت الناس أن يخرجوا من باب المسجد فخرجوا من باب آخر لحلت لي دماؤهم وأموالهم، والله لو أخذت ربيعة بمضر لكان ذلك لي من الله حلالا، وما عذيري من عبد هذيل يزعم أن قرآنه من عند الله، والله ما هي إلا رجز من رجز الأعراب ما أنزلها الله على نبيه ، وعذيري من هذه الحمراء، يزعم أحدهم يرمى بالحجر فيقول لي إن تقع الحجر حدث أمر، فو الله لأدعنهم كالأمس الدابر. قال: فذكرته للأعمش فقال: وأنا والله سمعته منه. ورواه أبو بكر بن أبى خيثمة عن محمد بن يزيد عن أبى بكر بن عياش عن عاصم بن أبى النجود والأعمش أنهما سمعا الحجاج قبحه الله يقول ذلك، وفيه والله لو أمرتكم أن تخرجوا من هذا الباب فخرجتم من هذا الباب لحلت لي دماؤكم، ولا أجد أحدا يقرأ على قراءة ابن أم عبد إلا ضربت عنقه، ولأحكّنها من المصحف ولو بضلع خنزير.

ورواه غير واحد عن أبى بكر بن عياش بنحوه، وفي بعض الروايات: والله لو أدركت عبد هذيل لأضربن عنقه. وهذا من جراءة الحجاج قبحه الله، وإقدامه على الكلام السيئ، والدماء الحرام.

وإنما نقم على قراءة ابن مسعود لكونه خالف القراءة على المصحف الإمام الّذي جمع الناس عليه عثمان، والظاهر أن ابن مسعود رجع إلى قول عثمان وموافقيه والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>