فيها حصر على بن دبيس أخاه محمدا ولم يزل يحاصره حتى اقتلع من يده الحلة وملكها، وفي رجب منها دخل السلطان مسعود بغداد خوفا من اجتماع عباس صاحب الري، ومحمد شاه بن محمود، ثم خرج منها في رمضان، وحج بالناس أرجوان مملوك أمير الجيوش بسبب ما كان وقع بين قطز وأمير مكة في السنة الماضية.
[وممن توفى فيها من الأعيان]
[أحمد بن محمد]
ابن الحسن بن على بن أحمد بن سليمان، أبو سعد الأصبهاني، ثم البغدادي، سمع الحديث وكان على طريقة السلف، حلو الشمائل، مطرح الكلفة، ربما خرج إلى السوق بقميص وقلنسوة. وحج أحد عشر حجة، وكان يملى الحديث ويكثر الصوم، توفى بنهاوند في ربيع الأول من هذه السنة، وقد قارب الثمانين.
[على بن أحمد]
ابن الحسين بن أحمد، أبو الحسن اليزدي، تفقه بأبي بكر الشاشي، وسمع الحديث وأسمعه، وكان له ولأخيه قميص واحد، إذا خرج هذا لبسه وجلس الآخر في البيت عريانا، وكذا الآخر.
[موهوب بن أحمد]
ابن محمد بن الخضر، أبو منصور الجواليقيّ، شيخ اللغة في زمانه، باشر مشيخة اللغة بالنظاميّة بعد شيخه أبى زكريا التبريزي، وكان يؤم بالمقتفى، وربما قرأ الخليفة عليه شيئا من الكتب، وكان عاقلا متواضعا في ملبسه، طويل الصمت كثير الفكر، وكانت له حلقة بجامع القصر أيام الجمع، وكان فيه لكنة، وكان يجلس إلى جانبه المغربي معبر المنامات، وكان فاضلا لكنه كان كثير النعاس في مجلسه، فقال فيهما بعض الأدباء:
بغداد عندي ذنبها لن يغفرا … عيوبها مكشوفة لن تسترا
كون الجواليقيّ فيها ممليا … لغة وكون المغربي معبرا
ما سور للكنته يقول فصاحة … ويوم يقظته يعبر في الكرا
[ثم دخلت سنة إحدى وأربعين وخمسمائة]
في ليلة مستهل ربيع الأول منها احترق القصر الّذي بناه المسترشد، وكان في غاية الحسن، وكان الخليفة المقتفى قد انتقل بجواريه وحظاياه إليه ليقيم فيه ثلاثة أيام، فما هو إلا أن ناموا احترق عليهم القصر بسبب أن جارية أخذت في يدها شمعة فعلق لهبها ببعض الأخشاب، فاحترق القصر وسلم الله الخليفة وأهله، فأصبح فتصدق بأشياء كثيرة، وأطلق خلقا من المحبسين. وفي رجب منها وقع بين الخليفة والسلطان مسعود واقع فبعث الخليفة إلى الجوامع والمساجد فأغلقت ثلاثة أيام، حتى