للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَرْسَلَ أَخُوهُ فِي أَثَرِهِ مَمْلُوكَهُ إِيَازَ، فَلَمْ يتمكن من القبض عليه، وَنَجَا بِنَفْسِهِ سَالِمًا. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَفِي صَفَرٍ مِنْهَا زِيدَ فِي أَلْقَابِ قَاضِي الْقُضَاةِ أبى الحسن بن الدَّامَغَانِيِّ تَاجُ الْإِسْلَامِ. وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ قُطِعَتِ الْخُطْبَةُ لِلسَّلَاطِينِ بِبَغْدَادَ، وَاقْتُصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْخَلِيفَةِ فيها، والدعاء له، ثم التقى الأخوان بركيارق وَمُحَمَّدٌ، فَانْهَزَمَ مُحَمَّدٌ أَيْضًا ثُمَّ اصْطَلَحَا. وَفِيهَا ملك دقاق بن تتش صَاحِبُ دِمَشْقَ مَدِينَةَ الرَّحْبَةِ.

وَفِيهَا قُتِلَ أَبُو الْمُظَفَّرِ الْخُجَنْدِيُّ الْوَاعِظُ بِالرَّيِّ، وَكَانَ فَقِيهًا شَافِعِيًّا مُدَرِّسًا، قَتَلَهُ رَافِضِيٌّ عَلَوِيٌّ فِي الْفِتْنَةِ، وَكَانَ عالما فاضلا، كان نِظَامُ الْمُلْكِ يَزُورُهُ وَيُعَظِّمُهُ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ خُمَارْتِكِينُ.

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ

أَحْمَدُ بْنُ على

ابن عبد الله بن سوار، أبو طاهر المقري، صَاحِبُ الْمُصَنَّفَاتِ فِي عُلُومِ الْقُرْآنِ، كَانَ ثِقَةً ثَبَتًا مَأْمُونًا عَالِمًا بِهَذَا الشَّأْنِ، قَدْ جَاوَزَ الثمانين.

أَبُو الْمَعَالِي

أَحَدُ الصُّلَحَاءِ الزُّهَّادِ، ذَوِي الْكَرَامَاتِ وَالْمُكَاشَفَاتِ، وَكَانَ كَثِيرَ الْعِبَادَةِ مُتَقَلِّلًا مِنَ الدُّنْيَا، لَا يَلْبَسُ صَيْفًا وَلَا شِتَاءً إِلَّا قَمِيصًا وَاحِدًا، فَإِذَا اشْتَدَّ الْبَرْدُ وَضَعَ عَلَى كَتِفِهِ مِئْزَرًا، وَذُكِرَ أَنَّهُ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ شَدِيدَةٌ فِي شهر رمضان، فعزم على الذهاب إلى بعض الأصحاب لِيَسْتَقْرِضَ مِنْهُ شَيْئًا، قَالَ:

فَبَيْنَمَا أَنَا أُرِيدُهُ إِذَا بِطَائِرٍ قَدْ سَقَطَ عَلَى كَتِفِي، وَقَالَ يَا أَبَا الْمَعَالِي أَنَا الْمَلَكُ الْفُلَانِيُّ، لَا تَمْضِ إِلَيْهِ نَحْنُ نَأْتِيكَ بِهِ، قَالَ فَبَكَّرَ إِلَيَّ الرَّجُلُ. رَوَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي مُنْتَظَمِهِ من طرق عدة، كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَدُفِنَ قَرِيبًا مِنْ قَبْرِ أَحْمَدَ.

السَّيِّدَةُ بِنْتُ الْقَائِمِ بِأَمْرِ الله

أمير المؤمنين التي تزوجها طغرلبك، ودفنت بالرصافة، وكانت كثيرة الصدقة، وَجَلَسَ لِعَزَائِهَا فِي بَيْتِ النُّوبَةِ الْوَزِيرُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ

فِيهَا قَصَدَ الْفِرِنْجُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ الشَّامَ فَقَاتَلَهُمُ المسلمون فقتلوا من الفرنج اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا، وَقَدْ أُسِرَ فِي هَذِهِ الْوَقْعَةِ بَرْدَوِيلُ صَاحِبُ الرها. وفيها سَقَطَتْ مَنَارَةُ وَاسِطٍ وَقَدُ كَانَتْ مِنْ أَحْسَنِ المنائر، كان أهل البلد يفتخرون بها وبقية الْحَجَّاجِ، فَلَمَّا سَقَطَتْ سُمِعَ لِأَهْلِ الْبَلَدِ بُكَاءٌ وعويل شديد، وَمَعَ هَذَا لَمْ يَهْلِكْ بِسَبَبِهَا أَحَدٌ، وَكَانَ بِنَاؤُهَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ فِي زَمَنِ المقتدر. وفيها تأكد الصلح بين الأخوين السلطانين بركيارق ومحمد، وَبُعِثَ إِلَيْهِ بِالْخِلَعِ وَإِلَى الْأَمِيرِ إِيَازَ. وَفِيهَا أخذت مَدِينَةَ عَكَّا وَغَيْرَهَا مِنَ السَّوَاحِلِ. وَفِيهَا اسْتَوْلَى الْأَمِيرُ سَيْفُ الدَّوْلَةِ صَدَقَةُ بْنُ مَنْصُورٍ صَاحِبُ الْحِلَّةِ عَلَى مَدِينَةِ وَاسِطٍ. وَفِيهَا تُوُفِّيَ الْمَلِكُ دُقَاقُ بْنُ تُتُشَ

<<  <  ج: ص:  >  >>