للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غداة سعى أبو بكر إليهم … كما يسعى لموتته حلال

أراح على نواهقها عليا … ومجّ لهن مهجته حبال

وقال أيضا:

أقمنا لهم عرض الشمال فكبكبوا … ككبكبة الغزّى أناخوا على الوفر

فما صبروا للحرب عند قيامها … صبيحة يسمو بالرجال أبو بكر

طرقنا بنى عبس بأدنى نباجها … وذبيان نهنهنا بقاصمة الظهر

فكانت هذه الوقعة من أكبر العون على نصر الإسلام وأهله، وذلك أنه عز المسلمون في كل قبيلة، وذل الكفار في كل قبيلة، ورجع أبو بكر إلى المدينة مؤيدا منصورا، سالما غانما، وطرقت المدينة في الليل صدقات عدي بن حاتم، وصفوان والزبرقان، إحداها في أول الليل، والثانية في أوسطه والثالثة في آخره، وقدم بكل واحدة منهن بشير من أمراء الأنقاب، فكان الّذي بشر بصفوان سعد ابن أبى وقاص، والّذي بشر بالزبرقان عبد الرحمن بن عوف، والّذي بشر بعدي بن حاتم عبد الله ابن مسعود، ويقال: أبو قتادة الأنصاري * وذلك على رأس ستين ليلة من متوفى رسول الله * ثم قدم أسامة بن زيد بعد ذلك بليال، فاستخلفه أبو بكر على المدينة، وأمرهم أن يريحوا ظهرهم، ثم ركب أبو بكر في الذين كانوا معه، في الوقعة المتقدمة، إلى ذي القصة، فقال له المسلمون: لو رجعت إلى المدينة وأرسلت رجلا، فقال: والله لا أفعل، ولأواسينكم بنفسي، فخرج في تعبئته، الى ذي حسي وذي القصة، والنعمان وعبد الله وسويد بنو مقرن على ما كانوا عليه، حتى نزل على أهل الرَّبَذَة بالابرق وهناك جماعة من بنى عبس وذبيان، وطائفة من بنى كنانة، فاقتتلوا فهزم الله الحارث وعوفا وأخذ الحطيئة أسيرا فطارت بنو عبس وبنو بكر، وأقام أبو بكر على الأبرق أياما وقد غلب بنى ذبيان على البلاد، وقال: حرام على بنى ذبيان أن يتملكوا هذه البلاد، إذ غنمناها الله وحمى الأبرق بخيول المسلمين، وأرعى سائر بلاد الرَّبَذَة. ولما فرت عبس وذبيان صاروا إلى مؤازرة طلحة وهو نازل على بزاخة، وقد قال في يوم الأبرق زياد بن حنظلة:

ويوم بالأبارق قد شهدنا … على ذبيان يلتهب التهابا

أتيناهم بداهية نسوف … مع الصديق إذ ترك العتابا

[ذكر خروجه الى ذي القصة حين عقد ألوية الأمراء الأحد عشر على ما سيأتي]

وذلك بعد ما جم جيش أسامة واستراحوا، ركب الصديق أيضا في الجيوش الإسلامية شاهرا سيفه مسلولا، من المدينة إلى ذي القصة، وهي من المدينة على مرحلة، وعلى بن أبى طالب يقود براحلة الصديق ، كما سيأتي، فسأله الصحابة، منهم على وغيره، وألحوا عليه أن يرجع

<<  <  ج: ص:  >  >>