فيها كان ظهور أبى الحسين يحيى بن عمر بن يحيى بن حسين بن زيد بن على بن الحسين بن على ابن أبى طالب، وأمه أم الحسين فاطمة بنت الحسين بن عبد الله بن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر ابن أبى طالب. وذلك أنه أصابته فاقة شديدة فدخل سامرا فسأل وصيفا أن يجرى عليه رزقا فأغلظ له القول. فرجع إلى أرض الكوفة فاجتمع عليه خلق من الأعراب، وخرج إليه خلق من أهل الكوفة، فنزل على الفلوجة وقد كثر الجمع معه، فكتب محمد بن عبد الله بن طاهر نائب العراق إلى عامله بالكوفة - وهو أبو أيوب بن الحسين بن موسى بن جعفر بن سليمان - يأمره بقتاله. ودخل يحيى ابن عمر قبل ذلك في طائفة من أصحابه إلى الكوفة فاحتوى على بيت مالها فلم يجد فيه سوى ألفى دينار وسبعين ألف درهم، وظهر أمره بالكوفة وفتح السجنين وأطلق من فيهما، وأخرج نواب الخليفة منها وأخذ أموالهم واستحوذ عليها، واستحكم أمره بها، والتف عليه خلق من الزيدية وغيرهم، ثم خرج من الكوفة إلى سوادها ثم كر راجعا إليها، فتلقاه عبد الرحمن بن الخطاب الملقب وجه الفلس، فقاتله قتالا شديدا فانهزم وجه الفلس ودخل يحيى بن عمر الكوفة ودعا إلى الرضى من آل محمد، وقوى أمره جدا، وصار إليه جماعة كثيرة من أهل الكوفة، وتولاه أهل بغداد من العامة وغيرهم ممن ينسب إلى التشيع، وأحبوه أكثر من كل من خرج قبله من أهل البيت، وشرع في تحصيل السلاح وإعداد آلات الحرب وجمع الرجال. وقد هرب نائب الكوفة منها إلى ظاهرها، واجتمع إليه أمداد كثيرة من جهة الخليفة مع محمد بن عبد الله بن طاهر، واستراحوا وجمعوا خيولهم، فلما كان اليوم الثاني عشر من رجب أشار من أشار على يحيى بن عمر ممن لا رأى له، أن يركب ويناجز الحسين ابن إسماعيل ويكبس جيشه، فركب في جيش كثير فيه خلق من الفرسان والمشاة أيضا من عامة أهل الكوفة بغير أسلحة، فساروا إليهم فاقتتلوا قتالا شديدا في ظلمة آخر الليل، فما طلع الفجر إلا وقد انكشف أصحاب يحيى بن عمر، وقد تقنطر به فرسه ثم طعن في ظهره فخر أيضا، فأخذوه وحزوا رأسه وحملوه إلى الأمير فبعثوه إلى ابن طاهر فأرسله إلى الخليفة من الغد مع رجل يقال له عمر بن الخطاب، أخى عبد الرحمن بن الخطاب، فنصب بسامراء ساعة من النهار ثم بعث به إلى بغداد فنصب عند الجسر، ولم يمكن نصبه من كثرة العامة فجعل في خزائن السلاح. ولما جيء برأس يحيى بن عمر إلى محمد بن عبد الله بن طاهر دخل الناس يهنونه بالفتح والظفر، فدخل عليه أبو هاشم داود بن الهيثم الجعفري فقال له: أيها الأمير! إنك لتهنى بقتل رجل لو كان رسول الله ﷺ حيا لعزى به، فما رد عليه شيئا ثم خرج أبو هاشم الجعفري وهو يقول: