أَسْأَلُكَ عَنْهُ» وَأَرَاهُ كَانَ قَدْ عَرَفَ قَيْسًا، قَالَ فَقَالَ مُطَاعٌ فِي أَدْنَيْهِ شَدِيدُ الْعَارِضَةِ مَانِعٌ لِمَا وَرَاءَ ظَهْرِهِ.
فَقَالَ الزِّبْرِقَانُ: قَدْ قَالَ مَا قَالَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنِّي أَفْضَلُ مِمَّا قَالَ، قَالَ فَقَالَ عَمْرٌو: وَاللَّهِ مَا علمتك إلا زبر الْمُرُوءَةِ، ضَيِّقَ الْعَطَنِ، أَحْمَقَ الْأَبِ، لَئِيمَ الْخَالِ، ثُمَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ صَدَقْتُ فِيهِمَا جَمِيعًا، أَرْضَانِي فَقُلْتُ بِأَحْسَنِ مَا أَعْلَمُ فيه وأسخطنى فقلت بأسوإ ما أعلم. قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا» وَهَذَا مُرْسَلٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ موصولا أنبأنا أَبُو جَعْفَرٍ كَامِلُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُسْتَمْلِي ثنا محمد بْنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ البغدادي ثنا محمد بن عبد الله ابن الحسن الْعَلَّافُ بِبَغْدَادَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدِ بْنُ الْهَيْثَمِ بْنِ مَحْفُوظٍ عَنْ أَبِي الْمُقَوِّمِ يَحْيَى بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيِّ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ: جَلَسَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ وَالزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ وَعَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ التَّمِيمِيُّونَ، فَفَخَرَ الزِّبْرِقَانُ فقال يا رسول الله أنا سيد تَمِيمٍ وَالْمُطَاعُ فِيهِمْ وَالْمُجَابُ، أَمْنَعُهُمْ مِنَ الظُّلْمِ وَآخُذُ لَهُمْ بِحُقُوقِهِمْ وَهَذَا يَعْلَمُ ذَلِكَ- يَعْنِي عمرو ابن الأهتم- قال عَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ: إِنَّهُ لَشَدِيدُ الْعَارِضَةِ، مَانِعٌ لِجَانِبِهِ، مُطَاعٌ فِي أَدْنَيْهِ. فَقَالَ الزِّبْرِقَانُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ مِنِّي غَيْرَ مَا قَالَ وَمَا مَنَعَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ إِلَّا الْحَسَدُ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ أَنَا أَحْسُدُكَ فو الله إِنَّكَ لَلَئِيمُ الْخَالِ، حَدِيثُ الْمَالِ، أَحْمَقُ الْوَالِدِ، مُضَيَّعٌ فِي الْعَشِيرَةِ، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ صَدَقْتُ فِيمَا قُلْتُ أَوَّلًا، وَمَا كَذَبْتُ فِيمَا قُلْتُ آخِرًا وَلَكِنِّي رِجْلٌ إِذَا رَضِيتُ قُلْتُ أَحْسَنَ مَا عَلِمْتُ، وَإِذَا غَضِبْتُ قُلْتُ أَقْبَحَ مَا وَجَدْتُ، وَلَقَدْ صَدَقْتُ فِي الْأُولَى وَالْأُخْرَى جَمِيعًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا» وَهَذَا إِسْنَادٌ غَرِيبٌ جِدًّا [وَقَدْ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ سَبَبَ قدومهم وهو أنه كانوا قد جهزوا السِّلَاحَ عَلَى خُزَاعَةَ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُيَيْنَةَ بْنَ بَدْرٍ فِي خَمْسِينَ لَيْسَ فِيهِمْ أَنْصَارِيٌّ وَلَا مُهَاجِرِيٌّ، فَأَسَرَ مِنْهُمْ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا وَإِحْدَى عَشْرَةَ امرأة وثلاثين صبيا فقدم رؤساهم بسبب أسرائهم ويقال قدم منهم تسعين- أو ثمانين- رَجُلًا فِي ذَلِكَ مِنْهُمْ عُطَارِدٌ وَالزِّبْرِقَانُ وَقَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ وَقَيْسُ بْنُ الْحَارِثِ وَنُعَيْمُ بْنُ سَعْدٍ وَالْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ وَرَبَاحُ بْنُ الْحَارِثِ وَعَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ، فَدَخَلُوا الْمَسْجِدَ وَقَدْ أَذَّنَ بِلَالٌ الظُّهْرَ وَالنَّاسُ يَنْتَظِرُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَخْرُجَ إِلَيْهِمْ فَعَجِلَ هَؤُلَاءِ فَنَادَوْهُ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ فَنَزَلَ فِيهِمْ مَا نَزَلَ، ثُمَّ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ خَطِيبَهُمْ وَشَاعِرَهُمْ وَأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَجَازَهُمْ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ أثنى عشر أُوقِيَّةٍ وَنَشًّا إِلَّا عَمْرَو بْنَ الْأَهْتَمِ فَإِنَّمَا أُعْطِيَ خَمْسَ أَوَاقٍ لِحَدَاثَةِ سِنِّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ] [١] .
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَنَزَلَ فِيهِمْ مِنَ الْقُرْآنِ قَوْلُهُ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ، وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَالله غَفُورٌ رَحِيمٌ ٤٩: ٤- ٥ قال ابن
[١] ما بين المربعين تأخر في المصرية إلى آخر الفصل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute