للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثم دخلت سنة خمس وتسعين وأربعمائة]

في ثالث المحرم منها قبض على أبى الحسن على بن محمد المعروف بالكيا الهراسي، وعزل عن تدريس النظامية، وذلك أنه رماه بعضهم عند السلطان بأنه باطني، فشهد له جماعة من العلماء - منهم ابن عقيل - ببراءته من ذلك، وجاءت الرسالة من دار الخلافة يوم الثلاثاء بخلاصه. وفيها في يوم الثلاثاء الحادي عشر من المحرم جلس الخليفة المستظهر بدار الخلافة وعلى كتفيه البردة والقضيب بيده، وجاء الملكان الأخوان محمد وسنجر أبناء ملك شاه، فقبلا الأرض وخلع عليهما الخلع السلطانية، على محمد سيفا وطوقا وسوار لؤلؤ وأفراسا من مراكبه، وعلى سنجر دون ذلك، وولى السلطان محمد الملك، واستنابه في جميع ما يتعلق بأمر الخلافة، دون ما أغلق عليه الخليفة بابه، ثم خرج السلطان محمد في تاسع عشر الشهر فأرجف الناس، وخرج بركيارق فأقبل السلطان محمد فالتقوا وجرت حروب كثيرة وانهزم محمد وجرى عليه مكروه شديد، كما سيأتي بيانه. وفي رجب منها قبل القاضي أبو الحسن ابن الدامغانيّ شهادة أبى الحسين وأبى حازم ابني القاضي أبى يعلى ابن الفراء. وفيها قدم عيسى بن عبد الله القونوي فوعظ الناس وكان شافعيا أشعريا، فوقعت فتنة بين الحنابلة والأشعرية ببغداد.

وفيها وقع حريق عظيم ببغداد، وحج بالناس حميد العمرى صاحب سيف الدولة صدقة بن منصور ابن دبيس، صاحب الحلة.

[وممن توفى فيها من الأعيان]

[أبو القاسم صاحب مصر]

الخليفة الملقب بالمستعلى، في ذي الحجة منها، وقام بالأمر بعده ابنه على وله تسع سنين، ولقب بالآمر بأحكام الله.

[محمد بن هبة الله]

أبو نصر القاضي البندنيجي الضرير الفقيه الشافعيّ، أخذ عن الشيخ أبى إسحاق ثم جاور بمكة أربعين سنة، يفتى ويدرس ويروى الحديث ويحج، ومن شعره قوله:

عدمتك نفسي ما تملى بطالتى … وقد مر أصحابى وأهل مودتي

أعاهد ربى ثم أنقض عهده … وأترك عزمي حين تعرض شهوتي

وزادي قليل ما أراه مبلغي … أللزاد أبكى أم لبعد مسافتي؟

[ثم دخلت سنة ست وتسعين وأربعمائة]

فيها حاصر السلطان بركيارق أخاه محمدا بأصبهان، فضاقت على أهلها الأرزاق، واشتد الغلاء عندهم جدا، وأخذ السلطان محمد أهلها بالمصادرة والحصار حولهم من خارج البلد، فاجتمع عليهم الخوف والجوع، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، ثم خرج السلطان محمد من أصبهان هاربا

<<  <  ج: ص:  >  >>