للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمسند الامام أحمد، واختصر كتابا في أسماء الرجال مفيدا، وولى مشيخة الحديث التي وقفها في داره بهاء الدين القاسم بن عساكر، داخل باب توما، وختمت البخاريات في آخر شهر رمضان.

ووقع بين الشيخ عماد الدين بن السراج قارئ البخاري عند محراب الصحابة، وبين الشيخ بدر الدين بن الشيخ جمال الدين الشريشنى، وتهاترا على رءوس الاشهاد بسبب لفظة «يبتز» بمعنى يدخر، وفي نسخة يتير، فحكى ابن السراج عن الحافظ المزي أن الصواب «يبتز» من قول العرب عزبز، وصدق في ذلك، فكأن منازعة خطأ ابن المزي، فانتصر الآخر للحافظ المزي، فقاد منه بالقول ثم قام والده الشيخ جمال الدين المشار إليه فكشف رأسه على طريقة الصوفية، فكأن ابن السراج لم يلتفت إليه، وتدافعوا إلى القاضي الشافعيّ فانتصر للحافظ المزي، وجرت أمور، ثم اصطلحوا غير مرة وعزم أولئك على كتب محضر على ابن السراج، ثم انطفأت تلك الشرور.

وكثر الموت في أثناء شهر رمضان وقاربت العدة مائة، وربما جاوزت المائة، وربما كانت أقل منها وهو الغالب، ومات جماعة من الأصحاب والمعارف، ف ﴿إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ﴾. وكثر الجراد في البساتين وعظم الخطب بسببه، وأتلف شيئا كثيرا من الغلات والثمار والخضراوات، وغلت الأسعار وقلت الثمار، وارتفعت قيم الأشياء فبيع الدبس بما فوق المائتين القنطار، والرز بأزيد من ذلك. وتكامل فتح باب كيسان وسموه الباب القبلي، ووضع الجسر منه إلى الطريق السالكة، وعرضه أزيد من عشرة أذرع بالنجارى لأجل عمل الباسورة جنبتيه، ودخلت المارة عليه من المشاة والركبان، وجاء في غاية الحسن، وسلك الناس في حارات اليهود، وانكشف دخلهم وأمن الناس من دخنهم وغشهم ومكرهم وخبثهم، وانفرج الناس بهذا الباب المبارك.

واستهل شوال والجراد قد أتلف شيئا كثيرا من البلاد، ورعى الخضروات والأشجار، وأوسع أهل الشام في الفساد، وغلت الأسعار، واستمر الفناء وكثر الضجيج والبكاء، وفقدنا كثيرا من الأصحاب والأصدقاء، فلان مات. وقد تناقص الفناء في هذه المدة وقل الوقع وتناقص للخمسين. وفي شهر ذي القعدة تقاصر الفناء ولله الحمد، ونزل العدد إلى العشرين فما حولها، وفي رابعه دخل بالفيل والزرافة إلى مدينة دمشق من القاهرة، فأنزل في الميدان الأخضر قريبا من القصر الأبلق، وذهب الناس للنظر إليهما على العادة.

وفي يوم الجمعة تاسعه صلى على الشيخ جمال الدين عبد الصمد بن خليل البغدادي، المعروف بابن الخضرى، محدث بغداد وواعظها، كان من أهل السنة والجماعة انتهى.

[تجديد خطبة ثانية داخل سور دمشق ولم يتفق ذلك فيما أعلم منذ فتوح الشام إلى الآن]

اتفق ذلك في يوم الجمعة الثالث، ثم تبين أنه الرابع والعشرين من ذي القعدة من هذه السنة

<<  <  ج: ص:  >  >>