للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العربية واللغة والقراءات وإيراد الأحاديث النبويّة، والتردد إِلَى الْمَشَايِخِ لِلْقِرَاءَةِ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ فَصِيحَ الْعِبَارَةِ حُلْوَ الْمُحَاضِرَةِ، لَا تُمَلُّ مُجَالَسَتُهُ، وَقَدْ دَرَّسَ بالطبية، وَبِالرِّبَاطِ النَّاصِرِيِّ مُدَّةً، ثُمَّ تَحَوَّلَ عَنْهُ إِلَى خَطَابَةِ جَامِعِ جِرَاحٍ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى خَطَابَةِ جَامِعِ دِمَشْقَ بَعْدَ الْفَارِقِيِّ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى تُوُفِّيَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ عَشِيَّةَ التَّاسِعِ مِنْ شَوَّالٍ، عَنْ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ صَبِيحَةَ يَوْمِ الْخَمِيسِ عَلَى بَابِ الْخَطَابَةِ، وَدُفِنَ عِنْدَ أَبِيهِ وَأَخِيهِ بِبَابِ الصَّغِيرِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ، وَوَلِيَ الْخَطَابَةَ ابْنُ أَخِيهِ

شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ بُرْهَانُ الدِّينِ الْحَافِظُ الْكَبِيرُ الدِّمْيَاطِيُّ

وَهُوَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْحَافِظُ شَيْخُ الْمُحَدِّثِينَ شَرَفُ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ خَلَفِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ شَرَفِ بْنِ الْخَضِرِ بْنِ مُوسَى الدِّمْيَاطِيُّ، حَامِلُ لِوَاءِ هَذَا الْفَنِّ- أَعْنِي صِنَاعَةَ الْحَدِيثِ وَعِلْمَ اللُّغَةِ- فِي زَمَانِهِ مَعَ كِبَرِ السِّنِّ وَالْقَدْرِ، وَعُلُوِّ الْإِسْنَادِ وكثرة الرواية، وجودة الدراية، وحسن التآليف وانتشار التصانيف، وتردد الطلبة إليه من سائر الآفاق، ومولده فِي آخِرِ سِنَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَقَدْ كَانَ أَوَّلُ سَمَاعِهِ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، سَمِعَ الْكَثِيرَ عَلَى الْمَشَايِخِ وَرَحَلَ وَطَافَ وَحَصَّلَ وَجَمَعَ فَأَوْعَى، وَلَكِنْ مَا مَنَعَ وَلَا بخل، بل بذل وصنف وَنَشَرَ الْعِلْمَ، وَوَلِيَ الْمَنَاصِبَ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَانْتَفَعَ النَّاسُ بِهِ كَثِيرًا، وَجَمَعَ مُعْجَمًا لِمَشَايِخِهِ الَّذِينَ لقيهم بالشام والحجاز وَالْجَزِيرَةِ وَالْعِرَاقِ وَدِيَارِ مِصْرَ يَزِيدُونَ عَلَى أَلْفٍ وَثَلَاثِمِائَةِ شَيْخٍ، وَهُوَ مُجَلَّدَانِ، وَلَهُ الْأَرْبَعُونَ الْمُتَبَايِنَةُ الْإِسْنَادِ وَغَيْرُهَا وَلَهُ كِتَابٌ فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى مُفِيدٌ جِدًّا، وَمُصَنَّفٌ فِي صِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ أَفَادَ فِيهِ وَأَجَادَ، وَجَمَعَ مَا لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهِ، وَلَهُ كِتَابُ الذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ عقيب الصلوات، وكتاب التسلي في الاغتباط بثواب من يقدم مِنَ الْأَفْرَاطِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْفَوَائِدِ الْحِسَانِ، وَلَمْ يَزَلْ فِي إِسْمَاعِ الْحَدِيثِ إِلَى أَنْ أَدْرَكَتْهُ وَفَاتُهُ وَهُوَ صَائِمٌ فِي مَجْلِسِ الْإِمْلَاءِ غُشِيَ عَلَيْهِ فَحُمِلَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَمَاتَ مِنْ ساعته يوم الأحد عاشر ذِي الْقَعْدَةِ بِالْقَاهِرَةِ، وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ بِمَقَابِرِ بَابِ النَّصْرِ وَكَانَتْ جِنَازَتُهُ حَافِلَةً جِدًّا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَسَبْعِمِائَةٍ

اسْتَهَلَّتْ وَالْحُكَّامُ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا والشيخ تقى الدين بن تَيْمِيَّةَ مَسْجُونٌ بِالْجُبِّ مِنْ قَلْعَةِ الْجَبَلِ، وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ جَاءَ الْبَرِيدُ بِتَوْلِيَةِ الْخَطَابَةِ لِلشَّيْخِ شَمْسِ الدِّينِ إِمَامِ الْكَلَّاسَةِ وَذَلِكَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَهُنِّئَ بِذَلِكَ فَأَظْهَرَ التَّكَرُّهَ لِذَلِكَ وَالضَّعْفَ عنه، ولم يحصل لَهُ مُبَاشَرَةٌ لِغَيْبَةِ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ فِي الصَّيْدِ، فَلَمَّا حَضَرَ أُذِنَ لَهُ فَبَاشَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الْعِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ، فَأَوَّلُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا الصُّبْحُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ خُلِعَ عَلَيْهِ وَخَطَبَ بِهَا يَوْمَئِذٍ، وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ ثَامِنَ عَشَرَ رَبِيعٍ الأول باشر نيابة الحكم عن الْقَاضِي نَجْمُ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمُحْسِنِ بْنِ حَسَنٍ الْمَعْرُوفُ بِالدِّمَشْقِيِّ عِوَضًا عَنْ تَاجِ الدين بن صالح بن تامر بن خان الْجَعْبَرِيِّ، وَكَانَ مُعَمَّرًا قَدِيمَ الْهِجْرَةِ كَثِيرَ الْفَضَائِلِ، دينا

<<  <  ج: ص:  >  >>