يخبره بذلك، فكتب الوليد إلى نصر بن سيار يأمره بإطلاقه من السجن وإرساله إليه صحبة أصحابه، فأطلقهم وأطلق لهم وجهزهم إلى دمشق، فلما كانوا ببعض الطريق توسم نصر منه غدرا، فبعث إليه جيشا عشرة آلاف فكسرهم يحيى بن زيد، وإنما معه سبعون رجلا، وقتل أميرهم واستلب منهم أموالا كثيرة، ثم جاءه جيش آخر فقتلوه واحترزوا رأسه وقتلوا جميع أصحابه ﵏
[ثم دخلت سنة ست وعشرين ومائة]
فيها كان مقتل الوليد بن يزيد بن عبد الملك وهذه ترجمته هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، أبو العباس الأموي الدمشقيّ، بويع له بالخلافة بعد عمه هشام في السنة الخالية بعهد من أبيه كما قدمنا. وأمه أم الحجاج بنت محمد بن يوسف الثقفي، وكان مولده سنة تسعين، وقيل ثنتين وتسعين، وقيل سبع وثمانين، وقتل يوم الخميس لليلتين بقيتا في جمادى الآخرة سنة ست وعشرين ومائة، ووقعت بسبب ذلك فتنة عظيمة بين الناس بسبب قتله، ومع ذلك إنما قتل لفسقه، وقيل وزندقته.
وقد قال الامام أحمد: حدثنا أبو المغيرة ثنا بن عياش حدثني الأوزاعي وغيره عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب قال:
ولد لأخي أم سلمة زوج النبي ﷺ غلام فسموه الوليد، فقال النبي ﷺ:«سميتموه باسم فراعينكم، ليكونن: في هذه الأمة رجل يقال له الوليد، لهو أشد فسادا لهذه الأمة من فرعون لقومه». قال الحافظ ابن عساكر: وقد رواه الوليد بن مسلم ومعقل بن زياد ومحمد بن كثير وبشر بن بكر عن الأوزاعي فلم يذكروا عمر في إسناده وأرسلوه، ولم يذكر ابن كثير سعيد بن المسيب، ثم ساق طرقه هذه كلها بأسانيدها وألفاظها.
وحكى عن البيهقي أنه قال: هو مرسل حسن، ثم ساق من طريق محمد عن محمد بن عمر بن عطاء عن زينب بنت أم سلمة عن أمها قالت: «دخل النبي ﷺ وعندي غلام من آل المغيرة اسمه الوليد، فقال: من هذا يا أم سلمة؟ قالت: هذا الوليد، فقال النبي ﷺ:
قد اتخذتم الوليد حنانا (حسانا) غيروا اسمه، فإنه سيكون في هذه الأمة فرعون يقال له الوليد».
وروى ابن عساكر من حديث عبد الله بن محمد بن مسلم ثنا محمد بن غالب الأنطاكي ثنا محمد بن سليمان بن أبى داود ثنا صدقة عن هشام بن الغاز عن مكحول عن أبى ثعلبة الخشنيّ عن أبى عبيدة ابن الجراح عن النبي ﷺ قال:«لا يزال هذا الأمر قائما بالقسط حتى يثلمه رجل من بنى أمية».
[صفة مقتله وزوال دولته]
كان هذا الرجل مجاهرا بالفواحش مصرا عليها، منتهكا محارم الله ﷿، لا يتحاشى من معصية. وربما اتهمه بعضهم بالزندقة والانحلال من الدين، فالله أعلم، لكن الّذي يظهر أنه كان عاصيا شاعرا ما جنا متعاطيا للمعاصي، لا يتحاشاها من أحد، ولا يستحى من أحد، قبل أن يلي