محمد بن سليمان بن حمايل بن على المقدسي المعروف بابن غانم، وكان من أعيان الناس وأكثرهم مروءة، ودرس بالعصرونية، توفى وقد جاوز الثمانين، كان من الكتاب المشهورين المشكورين، وهو والد الصدر علاء الدين بن غانم.
[الشيخ جمال الدين أبو محمد]
عبد الرحيم بن عمر بن عثمان الباجريقي الشافعيّ، أقام مدة بالموصل يشتغل ويفتى، ثم قدم دمشق عام قازان فمات بها، وكان قد أقام بها مدة كذلك، ودرس بالقليجية والدولعية، وناب في الخطابة ودرس بالغزالية نيابة عن الشمس الأيكي، وكان قليل الكلام مجموعا عن الناس، وهو والد الشمس محمد المنسوب إلى الزندقة والانحلال، وله أتباع ينسبون إلى ما ينسب إليه، ويعكفون على ما كان يعكف عليه، وقد حدث جمال الدين المذكور بجامع الأصول عن بعض أصحاب مصنفات ابن الأثير، وله نظم ونثر حسن، والله سبحانه أعلم.
ثم دخلت سنة سبعمائة من الهجرة النبويّة
استهلت والخليفة والسلطان ونواب البلاد والحكام بها هم المذكورون في التي قبلها، غير الشافعيّ والحنفي، ولما كان ثالث المحرم جلس المستخرج لاستخلاص أجرة أربعة أشهر عن جميع أملاك الناس وأوقافهم بدمشق، فهرب أكثر الناس من البلد، وجرت خبطة قوية وشق ذلك على الناس جدا.
وفي مستهل صفر وردت الأخبار بقصد التتر بلاد الشام، وأنهم عازمون على دخول مصر، فانزعج الناس لذلك وازدادوا ضعفا على ضعفهم، وطاشت عقولهم وألبابهم، وشرع الناس في الهرب إلى بلاد مصر والكرك والشوبك والحصون المنيعة، فبلغت الحمارة إلى مصر خمسمائة وبيع الجمل بألف والحمار بخمسمائة، وبيعت الأمتعة والثياب والمغلات بأرخص الأثمان، وجلس الشيخ تقى الدين ابن تيمية في ثانى صفر بمجلسه في الجامع وحرض الناس على القتال، وساق لهم الآيات والأحاديث الواردة في ذلك، ونهى عن الاسراع في الفرار، ورغب في إنفاق الأموال في الذب عن المسلمين وبلادهم وأموالهم، وأن ما ينفق في أجرة الهرب إذا أنفق في سبيل الله كان خيرا، وأوجب جهاد التتر حتما في هذه الكرة، وتابع المجالس في ذلك، ونودي في البلاد لا يسافر أحد إلا بمرسوم وورقة فتوقف الناس عن السير وسكن جأشهم، وتحدث الناس بخروج السلطان من القاهرة بالعساكر ودقت البشائر لخروجه، لكن كان قد خرج جماعة من بيوتات دمشق كبيت ابن صصريّ وبيت ابن فضل الله وابن منجا وابن سويد وابن الزملكانى وابن جماعة.
وفي أول ربيع الآخر قوى الإرجاف بأمر التتر، وجاء الخبر بأنهم قد وصلوا إلى البيرة ونودي