وزير الصالح نجم الدين أيوب، أرسله إلى دمشق فحاصرها مع الخوارزمية أول مرة حتى أخذها من يد الصالح إسماعيل، وأقام بها نائبا من جهة الصالح أيوب، ثم مالأ الخوارزمية مع الصالح إسماعيل عليه فحصروه بدمشق، ثم كانت وفاته في العشر الآخر من رمضان هذه السنة، عن ست وخمسين سنة، فكانت مدة ولايته بدمشق أربعة أشهر ونصف. وصلى عليه بجامع دمشق، ودفن بقاسيون إلى جانب أخيه عماد الدين.
[وفيها كانت وفاة واقف القليجية للحنفية. وهو الأمير: سيف الدين بن قلج]
ودفن بتربته التي بمدرسته المذكورة، التي كانت سكنه بدار فلوس تقبل الله تعالى منه.
وخطيب الجبل شرف الدين عبد الله بن الشيخ أبى عمر ﵀. والسيف أحمد بن عيسى بن الامام موفق الدين بن قدامة. وفيها توفى إمام الكلاسة الشيخ تاج الدين أبو الحسن محمد بن أبى جعفر مسند وقته، وشيخ الحديث في زمانه رواية وصلاحا رحمه الله تعالى. والمحدثان الكبيران الحافظان المفيدان شرف الدين أحمد بن الجوهري وتاج الدين عبد الجليل الأبهري.
[ثم دخلت سنة أربع وأربعين وستمائة]
فيها كسر المنصور الخوارزمية عند بحيرة حمص واستقرت يد نواب الصالح أيوب على دمشق وبعلبكّ وبصرى، ثم في جمادى الآخرة كسر فخر الدين بن الشيخ الخوارزمية على الصلت كسرة فرق بقية شملهم، ثم حاصر الناصر بالكرك ورجع عنه إلى دمشق. وقدم الصالح أيوب إلى دمشق في ذي القعدة فأحسن إلى أهلها وتسلم هذه المدن المذكورة، وانتزع صرخد من يد عز الدين أيبك، وعوضه عنها، وأخذ الصلت من الناصر داود بن المعظم وأخذ حصن الصبية من السعيد بن العزيز بن العادل، وعظم شأنه جدا، وزار في رجوعه بيت المقدس وتفقد أحواله وأمر بإعادة أسواره أن تعمر كما كانت في الدولة الناصرية، فاتح القدس، وأن يصرف الخراج وما يتحصل من غلات بيت المقدس في ذلك، وإن عاز شيئا صرفه من عنده. وفيها قدمت الرسل من عند البابا الّذي للنصارى تخبر بأنه قد أباح دم الأبدور ملك الفرنج لتهاونه في قتال المسلمين، وأرسل طائفة من عنده ليقتلوه، فلما انتهوا إليه كان استعد لهم وأجلس مملوكا له على السرير فاعتقدوه الملك فقتلوه، فعند ذلك أخذهم الأبدور فصلبهم على باب قصره بعد ما ذبحهم وسلخهم وحشى جلودهم تبنا، فلما بلغ ذلك البابا أرسل إليه جيشا كثيفا لقتاله فأوقع الله الخلف بينهم بسبب ذلك، وله الحمد والمنة.
وفيها هبت رياح عاصفة شديدة بمكة في يوم الثلاثاء من عشر ربيع الآخر، فألقت ستارة