وأخذ عنه إمام الحرمين، وفيما قاله نظر. لأن سن إمام الحرمين لا يحتمل ذلك، فان القفال هذا مات في هذه السنة وله تسعون سنة، ودفن بسجستان، وإمام الحرمين ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة كما سيأتي، وإنما قيل له القفال لأنه كان أولا يعمل الأقفال، ولم يشتغل إلا وهو ابن ثلاثين سنة، رحمه الله تعالى
[ثم دخلت سنة ثمان عشرة وأربعمائة]
في ربيع الأول منها وقع برد أهلك شيئا كثيرا من الزروع والثمار، وقتل خلقا كثيرا من الدواب. قال ابن الجوزي: وقد قيل إنه كان في برده كل بردة رطلان وأكثر، وفي واسط بلغت البردة أرطالا، وفي بغداد بلغت قدر البيض. وفي ربيع الآخر سألت الاسفهلارية الغلمان الخليفة أن يعزل عنهم أبا كاليجار، لتهاونه بأمرهم، وفساده وفساد الأمور في أيامه، ويولى عليهم جلال الدولة، الّذي كانوا قد عزلوه عنهم، فماطلهم الخليفة في ذلك وكتب إلى أبى كاليجار أن يتدارك أمره، وأن يسرع الأوبة إلى بغداد، قبل أن يفوت الأمر، وألح أولئك على الخليفة في تولية جلال الدولة، وأقاموا له الخطبة ببغداد، وتفاقم الحال، وفسد النظام. وفيها ورد كتاب من محمود بن سبكتكين يذكر أنه دخل بلاد الهند أيضا، وأنه كسر الصنم الأعظم الّذي لهم المسمى بسومنات، وقد كانوا يفدون إليه من كل فج عميق، كما يفد الناس إلى الكعبة البيت الحرام وأعظم، وينفقون عنده النفقات والأموال الكثيرة، التي لا توصف ولا تعد، وكان عليه من الأوقاف عشرة آلاف قرية، ومدينة مشهورة، وقد امتلأت خزائنه أموالا، وعنده ألف رجل يخدمونه، وثلاثمائة رجل يحلقون رءوس حجيجه، وثلاثمائة رجل يغنون ويرقصون على بابه، لما يضرب على بابه الطبول والبوقات، وكان عنده من المجاورين ألوف يأكلون من أوقافه، وقد كان البعيد من الهنود يتمنى لو بلغ هذا الصنم، وكان يعوقه طول المفاوز وكثرة الموانع والآفات، ثم استخار الله السلطان محمود لما بلغه خبر هذا الصنم وعباده، وكثرة الهنود في طريقه، والمفاوز المهلكة، والأرض الخطرة، في تجشم ذلك في جيشه، وأن يقطع تلك الأهوال إليه، فندب جيشه لذلك فانتدب معه ثلاثون ألفا من المقاتلة، ممن اختارهم لذلك، سوى المتطوعة، فسلمهم الله حتى انتهوا إلى بلد هذا الوثن، ونزلوا بساحة عباده، فإذا هو بمكان بقدر المدينة العظيمة، قال: فما كان بأسرع من أن ملكناه وقتلنا من أهله خمسين ألفا وقلعنا هذا الوثن وأوقدنا تحته النار. وقد ذكر غير واحد أن الهنود بذلوا للسلطان محمود أموالا جزيلة ليترك لهم هذا الصنم الأعظم، فأشار من أشار من الأمراء على السلطان محمود بأخذ الأموال وإبقاء هذا الصنم لهم، فقال: حتى أستخير الله ﷿، فلما أصبح قال: إني فكرت في الأمر الّذي ذكر فرأيت أنه إذا نوديت يوم القيامة أين محمود الّذي كسر الصنم؟ أحب إلى من أن يقال الّذي ترك الصنم لأجل ما يناله من الدنيا، ثم عزم فكسره ﵀، فوجد عليه وفيه من الجواهر واللآلي والذهب والجواهر