أن هذا ليس من الأمور المشاهدة، وأكثر ما في الباب أن الراويّ روى تأخير طلوعها ولم نشاهد حبسها عن وقته * وأغرب من هذا ما ذكره ابن المطهر في كتابه المنهاج، أنها ردت لعلى مرتين، فذكر الحديث المتقدم، كما ذكر، ثم قال: وأما الثانية فلما أراد أن يعبر الفرات ببابل، اشتغل كثير من أصحابه بسبب دوابهم، وصلّى لنفسه في طائفة من أصحابه العصر، وفاتت كثيرا منهم فتكلموا في ذلك، فسأل الله رد الشمس فردت * قال: وذكر أبو نعيم بعد موسى إدريس ﵇ وهو عند كثير من المفسرين من أنبياء بنى إسرائيل، وعند محمد بن إسحاق بن يسار وآخرين من علماء النسب قبل نوح ﵇، في عمود نسبه إلى آدم ﵇، كما تقدم التنبيه على ذلك. فقال:
[القول فيما أعطى إدريس ﵇]
من الرفعة التي نوه الله بذكرها فقال: ﴿وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا﴾ قال: والقول فيه أن نبينا محمدا ﷺ أعطى أفضل وأكمل من ذلك، لأن الله تعالى رفع ذكره في الدنيا والآخرة فقال: ﴿وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ فليس خطيب ولا شفيع ولا صاحب صلاة إلا ينادى بها: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فقرن الله اسمه باسمه، في مشارق الأرض ومغاربها، وذلك مفتاحا للصلاة المفروضة،
ثم أورد حديث ابن لهيعة عن دراج عن أبى الهشيم عن أبى سعيد عن رسول الله ﷺ في قوله:
﴿وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ قال: قال جبريل: قال الله: إذا ذكرت ذكرت * ورواه ابن جرير وابن أبى عاصم من طريق دراج. ثم قال:
حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الغطريفى، حدثنا موسى بن سهل الجونى، حدثنا أحمد بن القاسم بن بهرام الهيتى، حدثنا نصر بن حماد عن عثمان بن عطاء عن الزهري عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: لما فرغت مما أمرنى الله تعالى به من أمر السموات والأرض قلت: يا رب إنه لم يكن نبي قبلي إلا قد كرمته، جعلت إبراهيم خليلا، وموسى كليما، وسخرت لداود الجبال، ولسليمان الريح والشياطين، وأحييت لعيسى الموتى، فما جعلت لي؟ قال:
أو ليس قد أعطيتك أفضل من ذلك كله، أن لا أذكر إلا ذكرت معى، وجعلت صدور أمتك أناجيل يقرءون القرآن ظاهرا ولم أعطها أمة، وأنزلت عليك كلمة من كنوز عرشي: لا حول ولا قوة إلا بالله. وهذا إسناد فيه غرابة، ولكن أورد له شاهدا من طريق أبى القاسم ابن بنت منيع البغوي عن سليمان بن داود المهرانى عن حماد بن زيد عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا بنحوه * وقد رواه أبو زرعة الرازيّ في كتاب دلائل النبوة بسياق آخر، وفيه انقطاع،
فقال: حدثنا هشام بن عمار الدمشقيّ، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا شعيب بن زريق أنه سمع عطاء الخراساني يحدث عن أبى هريرة وأنس بن مالك عن النبي ﷺ من حديث ليلة أسرى به. قال:
لما أرانى الله من آياته فوجدت ريحا طيبة فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذه الجنة، قلت: يا ربى