للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عثمان لامه على إحرامه من خراسان. وفيها أقبل قارن في أربعين ألفا فالتقاه عبد الله بن حازم في أربعة آلاف، وجعل لهم مقدمة ستمائة رجل، وأمر كلا منهم أن يحمل على رأس رمحه نارا، وأقبلوا إليهم في وسط الليل فبيتوهم فثاروا إليهم فناوشتهم المقدمة فاشتغلوا بهم، وأقبل عبد الله بن حازم بمن معه من المسلمين فاتفقوا هم وإياهم، فولى المشركون مدبرين، واتبعهم المسلمون يقتلون من شاءوا كيف شاءوا. وغنموا سبيا كثيرا وأموالا جزيلة، ثم بعث عبد الله بن حازم [بالفتح إلى ابن عامر، فرضى عنه وأقره على خراسان - وكان قد عزله عنها - فاستمر بها عبد الله بن حازم] (١) إلى ما بعد ذلك.

[ذكر من توفى من الأعيان في هذه السنة]

[العباس بن عبد المطلب]

ابن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي أبو الفضل المكيّ عم رسول الله ، ووالد الخلفاء العباسيين، وكان أسن من رسول الله بسنتين أو ثلاث، أسر يوم بدر فافتدى نفسه بمال، وافتدى ابني أخويه عقيل بن أبى طالب ونوفل بن الحارث. وقد ذكرنا أنه لما أسر وشد في الوثاق وأمسى الناس، أرق رسول الله فقيل يا رسول الله مالك؟ فقال «إني أسمع أنين العباس في وثاقه فلا أنام» فقام رجل من المسلمين فحل من وثاق العباس حتى سكن أنينه فنام رسول الله ، ثم أسلم عام الفتح، وتلقى رسول الله إلى الجحفة فرجع معه، وشهد الفتح، ويقال إنه أسلم قبل ذلك ولكنه أقام بمكة باذن النبي له في ذلك، كما ورد به الحديث فالله أعلم.

وقد كان رسول الله يجله ويعظمه وينزله منزلة الوالد من الولد، ويقول «هذا بقية آبائي» وكان من أوصل الناس لقريش وأشفقهم عليهم، وكان ذا رأى وعقل تام واف، وكان طويلا جميلا أبيض بضا ذا طفرتين وكان له من الولد عشرة ذكور سوى الإناث، وهم تمام - وكان أصغرهم - والحارث، وعبد الله، وعبيد الله، وعبد الرحمن، وعون، والفضل، وقثم، وكثير، ومعبد. وأعتق سبعين مملوكا من غلمانه [وقال الامام أحمد: ثنا على بن عبد الله قال حدثني محمد بن طلحة التميمي من أهل المدينة حدثني أبو سهيل نافع بن مالك عن سعيد بن المسيب عن سعد بن أبى وقاص قال: قال رسول الله للعباس «هذا العباس بن عبد المطلب أجود قريش كفا وأوصلها» تفرد به (٢)]

وثبت في الصحيحين أن رسول الله قال لعمر حين بعثه على الصدقة فقيل منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم رسول الله ، فقال له رسول الله «ما ينقم ابن جميل إلا أن كان فقيرا فأغناه


(١) سقط من الحلبية.
(٢) سقط من المصرية. الله وقوله تفرد به كذا في أصل الحلبية ولعله سقط منه لفظ أحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>