للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونزل بالمدرسة الجليلة ظاهر باب الفرج، وزرته فيمن سلم عليه، فإذا هو شيخ حسن عنده ما يقال ويتلفظ معربا جيدا، ولديه فضيلة، وعنده تواضع وتصوف، فالله يحسن عاقبته. ثم تحول إلى العذراوية وفي صبيحة يوم السبت سابع شهر رجب توجه الشيخ شرف الدين أحمد بن الحسن بن قاضى الجبل الحنبلي إلى الديار المصرية مطلوبا على البريد إلى السلطان لتدريس الطائفة الحنبلية بالمدرسة التي أنشأها السلطان بالقاهرة المعزية، وخرج لتوديعه القضاة والأعيان إلى أثناء الطريق، كتب الله سلامته، انتهى والله تعالى أعلم.

[مسك نائب السلطنة استدمر البحناوي]

وفي صبيحة يوم الأربعاء الخامس والعشرين من رجب قبض على نائب السلطنة الأمير سيف الدين استدمر، أخى يلبغا البحناوي، عن كتاب ورد من السلطان صحبة الدوادار الصغير، وكان يومئذ راكبا بناحية ميدان ابن بابك، فلما رجع إلى عند مقابر اليهود والنصارى احتاط عليه الحاجب الكبير ومن معه من الجيش وألزموه بالذهاب إلى ناحية طرابلس، فذهب من على طريق الشيخ رسلان، ولم يمكن من المسير، إلى دار السعادة، ورسم عليه من الجند من أوصله إلى طرابلس مقيما بها بطالا، فسبحان من بيده ملكوت كل شيء، يفعل ما يشاء. وبقي البلد بلا نائب يحكم فيه الحاجب الكبير عن مرسوم السلطان، وعين للنيابة الأمير سيف الدين بيدمر النائب بحلب.

وفي شعبان وصل تقليد الأمير سيف الدين بيدمر بنيابة دمشق، ورسم له أن يركب في طائفة من جيش حلب ويقصد الأمير خيار بن مهنا ليحضره إلى خدمة السلطان، وكذلك رسم لنائب حماة وحمص أن يكونا عونا للأمير سيف الدين بيدمر في ذلك، فلما كان يوم الجمعة رابعه التقوا مع خيار عند سلمية، فكانت بينهم مناوشات، فأخبرني الأمير تاج الدين الدوادار - وكان مشاهد الوقعة - أن الأعراب أحاطوا بهم من كل جانب، وذلك لكثرة العرب وكانوا نحو الثمانمائة، وكانت الترك من حماة وحمص وحلب مائة وخمسين، فرموا الأعراب بالنشاب فقتلوا منهم طائفة كثيرة، ولم يقتل من الترك سوى رجل واحد، رماه بعض الترك ظانا أنه من العرب بناشج فقتله، ثم حجز بينهم الليل، وخرجت الترك من الدائرة، ونهبت أموال من الترك ومن العرب، وجرت فتنة وجردت أمراء عدة من دمشق لتدارك الحال، وأقام نائب السلطنة هناك ينتظر ورودهم، وقدم الأمير عمر الملقب بمصمع بن موسى بن مهنا من الديار المصرية أميرا على الاعراب وفي صحبته الأمير بدر الدين ابن جماز أميران على الاعراب، فنزل مصمع بالقصر الأبلق، ونزل الأمير رملة بالتوزية على عادته ثم توجها الى ناحية خيار بمن معهما من عرب الطاعة ممن أضيف اليهم من تجريدة دمشق ومن يكون معهم من جيش حماة وحمص لتحصيل الأمير خيار، وإحضاره إلى الخدمة الشريفة فالله تعالى يحسن العاقبة

<<  <  ج: ص:  >  >>