فإذا رأس لخنيعة مقطوع فخرجوا في أثر ذي نواس حتى أدركوه فقالوا ما ينبغي أن يملكنا غيرك إذ أرحتنا من هذا الخبيث فملكوه عليهم واجتمعت عليه حمير وقبائل اليمن فكان آخر ملوك حمير وتسمى يوسف فأقام في ملكه زمانا، وبنجران بقايا من أهل دين عيسى بن مريم ﵇ على الإنجيل أهل فضل واستقامة من أهل دينهم لهم رأس يقال له عبد الله بن الثامر. ثم ذكر ابن إسحاق سبب دخول أهل نجران في دين النصارى وان ذلك كان على يدي رجل يقال له فيميون كان من عباد النصارى بأطراف الشام وكان مجاب الدعوة وصحبه رجل يقال له صالح فكان يتعبدان يوم الأحد ويعمل فيميون بقية الجمعة في البناء وكان يدعوا للمرضى والزمنى وأهل العاهات فيشفون ثم استأسره وصاحبه بعض الاعراب فباعوهما بنجران فكان الّذي اشترى فيميون يراه إذا قام في مصلاه بالبيت الّذي هو فيه في الليل يمتلى عليه البيت نورا فأعجبه ذلك من أمره وكان أهل نجران يعبدون نخلة طويلة يعلقون عليها حلى نسائهم ويعكفون عندها فقال فيميون لسيده أرأيت ان دعوت الله على هذه الشجرة فهلكت أتعلمون أن الّذي أنتم عليه باطل. قال نعم فجمع له أهل نجران وقام فيميون الى مصلاه فدعا الله عليها فأرسل الله عليها قاصفا فجعفها من أصلها ورماها الى الأرض فاتبعه أهل نجران على دين النصرانية وحملهم على شريعة الإنجيل حتى حدثت فيهم الاحداث التي دخلت على أهل دينهم بكل أرض فمن هنالك كانت النصرانية بنجران من أرض العرب ثم ذكر ابن إسحاق قصة عبد الله بن الثامر حين تنصر على يدي فيميون وكيف قتله وأصحابه ذو نواس وخد لهم الأخدود وقال ابن هشام وهو الحفر المستطيل في الأرض مثل الخندق وأجج فيه النار وحرقهم بها وقتل آخرين حتى قتل قريبا من عشرين ألفا كما قدمنا ذلك مبسوطا في أخبار بنى إسرائيل وكما هو مستقصى في تفسير سورة ﴿وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ﴾ من كتابنا التفسير ولله الحمد.
[ذكر خروج الملك باليمن من حمير وصيرورته الى الحبشة السودان]
كما أخبر بذلك شق وسطيح الكاهنان وذلك انه لم ينج من أهل نجران إلا رجل واحد يقال
(استرطبان الى آخر الكلام مشكل يفسره ما ذكره ابو الفرج في الأغاني قال كان الغلام إذا خرج من عند لخنيعة وقد لاط به قطعوا مشافر ناقته وذنبها وصاحوا به أرطب أم يباس فلما خرج ذو نواس من عنده وركب ناقة له يقال لها السراب قالوا. ذا نواس. أرطب أم يباس. فقال. ستعلم الاحراس است ذي نواس. است رطب أم يباس. فهذا اللفظ مفهوم والّذي وقع في الأصل يريد سيرة ابن هشام هذا معناه ولفظه قريب من هذا ولعله تغيير في اللفظ والله اعلم انتهى. محمود الامام