للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجند والأتباع، فالتقى هو وبابك فاقتتلا قتالا شديدا، فقتل الأفشين من أصحاب بابك خلقا كثيرا أزيد من مائة ألف، وهرب هو إلى مدينته فأوى فيها مكسورا، فكان هذا أول ما تضعضع من أمر بابك، وجرت بينهما حروب يطول ذكرها، وقد استقصاها ابن جرير.

وفيها خرج المعتصم من بغداد فنزل القاطول فأقام بها. وفيها غضب المعتصم على الفضل بن مروان بعد المكانة العظيمة، وعزله عن الوزارة وحبسه وأخذ أمواله وجعل مكانه محمد بن عبد الملك ابن الزيات. وحج بالناس فيها صالح بن على بن محمد أمير السنة الماضية في الحج.

وفيها توفى آدم بن أبى إياس. وعبد الله بن رجاء. وعفان بن مسلمة. وقالوا أحد مشاهير القراء. وأبو حذيفة الهندي.

[ثم دخلت سنة إحدى وعشرين ومائتين]

فيها كانت وقعة هائلة بين بغا الكبير وبابك فهزم بابك بغا وقتل خلقا من أصحابه. ثم اقتتل الأفشين وبابك فهزمه افشين وقتل خلقا من أصحابه بعد حروب طويلة قد استقصاها ابن جرير.

وحج بالناس فيها نائب مكة محمد بن داود بن عيسى بن موسى العباسي.

وفيها توفى عاصم بن على. وعبد الله بن مسلم القعنبي. وعبدان. وهشام بن عبيد الله الرازيّ.

[ثم دخلت سنة ثنتين وعشرين ومائتين]

فيها جهز المعتصم جيشا كثيرا مددا للأفشين على محاربة بابك وبعث إليه ثلاثين ألف ألف درهم نفقة للجند، فاقتتلوا قتالا عظيما، وافتتح الافشين البذ مدينة بابك واستباح ما فيها، وذلك يوم الجمعة لعشر بقين من رمضان. وذلك بعد محاصرة وحروب هائلة وقتال شديد وجهد جهيد.

وقد أطال ابن جرير بسط ذلك جدا. وحاصل الأمر أنه افتتح البلد وأخذ جميع ما فيه من الأموال مما قدر عليه.

[ذكر مسك بابك]

لما احتوى المسلمون على بلده المسمى بالبذ وهي دار ملكه ومقر سلطته هرب بمن معه من أهله وولده ومعه أمه وامرأته، فانفرد في شرذمة قليلة ولم يبق معهم طعام، فاجتازوا بحراث فبعث غلامه إليه وأعطاه ذهبا فقال: أعطه الذهب وخذ ما معه من الخبز، فنظر شريك الحراث إليه من بعيد وهو يأخذ منه الخبز، فظن أنه قد اعتصبه منه، فذهب إلى حصن هناك فيه نائب للخليفة يقال له سهل بن سنباط ليستعدى على ذلك الغلام، فركب بنفسه وجاء فوجد الغلام فقال: ما خبرك؟ فقال: لا شيء، إنما أعطيته دنانير وأخذت منه الخبز. فقال: ومن أنت؟ فأراد أن يعمّى عليه الخبر فألح عليه فقال: من غلمان بابك، فقال: وأين هو؟ فقال: ها هو ذا جالس يريد الغداء. فسار إليه سهل بن سنباط فلما رآه ترجل وقبل يده وقال: يا سيدي أين تريد؟ قال: أريد أن أدخل بلاد

<<  <  ج: ص:  >  >>