ابن يزيد الحجاج وقال: أشرب فوق ظهر الكعبة الخمر، فهموا ان يفتكوا به إذا خرج، فجاءوا إلى خالد ابن عبد الله القسري فسألوه أن يكون معهم فأبى، فقالوا له: فأكتم علينا، فقال: أما هذا فنعم، فجاء إلى الوليد فقال: لا تخرج فانى أخاف عليكم، فقال: ومن هؤلاء الذين تخافهم على؟ قال: لا أخبرك بهم. قال: إن لم تخبرني بهم بعثت بك إلى يوسف بن عمر، قال: وإن بعثت بى إلى يوسف ابن عمر، فبعثه إلى يوسف فعاقبه حتى قتله. وذكر ابن جرير أنه لما امتنع أن يعلمه بهم سجنه ثم سلمه إلى يوسف بن عمر يستخلص منه أموال العراق فقتله، وقد قيل إن يوسف لما وفد إلى الوليد اشترى منه خالد بن عبد الله القسري بخمسين ألف ألف يخلصها منه، فما زال يعاقبه ويستخلص منه حتى قتله، فغضبت أهل اليمن من قتله، وخرجوا على الوليد.
قال الزبير بن بكار: حدثنا مصعب بن عبد الله قال سمعت أبى يقول: كنت عند المهدي فذكر الوليد بن يزيد فقال رجل في المجلس: كان زنديقا، فقال المهدي: خلافة الله عنده أجل من أن يجعلها في زنديق. وقال أحمد بن عمير (١) بن حوصاء الدمشقيّ: ثنا عبد الرحمن بن الحسن ثنا الوليد ابن مسلم ثنا حصين بن الوليد عن الأزهري بن الوليد قال: سمعت أم الدرداء تقول: إذا قتل الخليفة الشاب من بنى أمية بين الشام والعراق مظلوما لم يزل طاعة مستخف بها ودم مسفوك على وجه الأرض بغير حق. قال الامام أبو جعفر بن جرير الطبري:
ذكر قتل يزيد بن الوليد الّذي يقال له الناقص للوليد بن يزيد وكيف قتله
قد ذكرنا بعض أمر الوليد بن يزيد وخلاعته ومجانته وفسقه وما ذكر عن تهاونه بالصلوات واستخفافه بأمر دينه قبل خلافته وبعدها. فإنه لم يزدد في الخلافة إلا شرا ولهوا ولذة وركوبا للصيد وشرب المسكر ومنادمة الفساق، فما زادته الخلافة على ما كان قبلها إلا تماديا وغرورا، فثقل ذلك على الأمراء والرعية والجند، وكرهوه كراهة شديدة، وكان من أعظم ما جنى على نفسه حتى أورثه ذلك هلاكه، إفساده على نفسه بنى عميه هشام والوليد بن عبد الملك مع إفساده اليمانية، وهي أعظم جند خراسان، وذلك أنه لما قتل خالد بن عبد الله القسري وسلمه إلى غريمه يوسف بن عمر الّذي هو نائب العراق إذ ذاك، فلم يزل يعاقبه حتى هلك، انقلبوا عليه وتنكروا له وساءهم قتله كما سنذكره في ترجمته. ثم روى ابن جرير بسنده أن الوليد بن يزيد ضرب ابن عمه سليمان بن هشام مائة سوط وحلق رأسه ولحيته وغربة إلى عمان فحبسه بها، فلم يزل هناك حتى قتل الوليد، وأخذ جارية كانت لآل عمه الوليد بن عبد الملك، فكلمه فيها عمر بن الوليد فقال: لا أردها، فقال: إذا تكثر الصواهل حول عسكرك. وحبس الأفقم يزيد بن هشام، وبايع لولديه الحكم وعثمان، وكانا دون