للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَيْشَ السَّوِيقِ يَقُولُونَ إِنَّمَا خَرَجْتُمْ تَشْرَبُونَ السَّوِيقَ. قَالَ وَأَتَى مَخْشِيُّ بْنُ عَمْرٍو الضَّمْرِيُّ وَقَدْ كَانَ وَادَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ وَدَّانَ عَلَى بَنِي ضَمْرَةَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَجِئْتَ لِلِقَاءِ قُرَيْشٍ عَلَى هَذَا الْمَاءِ؟ قَالَ:

نَعَمْ يَا أَخَا بَنِي ضَمْرَةَ وَإِنْ شِئْتَ رَدَدْنَا إِلَيْكَ مَا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ وَجَالَدْنَاكَ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ. قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا مُحَمَّدُ مَا لَنَا بِذَلِكَ مِنْ حَاجَةٍ. ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَقَدْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَعْنِي فِي انْتِظَارِهِمْ أَبَا سُفْيَانَ وَرُجُوعِهِ بِقُرَيْشٍ عَامَهُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ وَقَدْ أَنْشَدَنِيهَا أَبُو زَيْدٍ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ:

وَعَدْنَا أَبَا سُفْيَانَ بَدْرًا فَلَمْ نَجِدْ ... لِمِيعَادِهِ صِدْقًا وَمَا كَانَ وَافِيَا

فَأُقْسِمُ لَوْ لَاقَيْتَنَا فَلَقِيَتَنَا ... لَأُبْتَ ذَمِيمًا وَافْتَقَدْتَ الْمَوَالِيَا

تَرَكْنَا بِهِ أَوْصَالَ عُتْبَةَ وَابْنِهِ ... وَعَمْرًا أَبَا جَهْلٍ تَرَكْنَاهُ ثَاوِيَا

عَصَيْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ أُفٍّ لِدِينِكُمْ ... وَأَمْرِكُمُ السَّيْئِ الَّذِي كَانَ غَاوِيَا

فَإِنِّي وَإِنْ عَنَّفْتُمُونِي لَقَائِلٌ ... فِدًى لِرَسُولِ اللَّهِ أَهْلِي وَمَالِيَا

أَطَعْنَاهُ لَمْ نَعْدِلْهُ فِينَا بِغَيْرِهِ ... شِهَابًا لَنَا فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ هَادِيَا

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ فِي ذَلِكَ:

دَعُوا فَلَجَاتِ الشَّامِ قَدْ حَالَ دُونَهَا ... جِلَادٌ كَأَفْوَاهِ الْمَخَاضِ الْأَوَارِكِ

بِأَيْدِي رِجَالٍ هَاجَرُوا نَحْوَ ربهم ... وأنصاره حقا وأيدي الملائك

إذا سلكت للغور من بطن عالج ... فقولا لها ليس الطَّرِيقُ هُنَالِكِ

أَقَمْنَا عَلَى الرَّسِّ النَّزُوعِ ثَمَانِيًا ... بِأَرْعَنَ جَرَّارٍ عَرِيضِ الْمَبَارِكِ

بِكُلِّ كُمَيْتٍ جَوْزُهُ نِصْفُ خَلْقِهِ ... وَقُبٍّ طِوَالٍ مُشْرِفَاتِ الْحَوَارِكِ

تَرَى الْعَرْفَجَ الْعَامِيَّ تَذْرِي أُصُولَهُ ... مَنَاسِمُ أَخْفَافِ الْمَطِيِّ الرَّوَاتِكِ

فَإِنْ تَلْقَ فِي تَطْوَافِنَا وَالْتِمَاسِنَا ... فُرَاتَ بْنَ حَيَّانٍ يَكُنْ رَهْنَ هَالِكِ

وَإِنْ تَلْقَ قَيْسَ بْنَ امْرِئِ الْقَيْسِ بَعْدَهُ ... يُزَدْ فِي سَوَادِ لَوْنِهِ لَوْنُ حَالِكِ

فَأَبْلِغْ أَبَا سُفْيَانَ عَنِّي رِسَالَةً ... فَإِنَّكَ مِنْ غُرِّ الرِّجَالِ الصَّعَالِكِ

قَالَ: فَأَجَابَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَقَدْ أَسْلَمَ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ:

أحسان لما يَا ابْنَ آكِلَةِ الْفَغَا ... وَجَدِّكَ نَغْتَالُ الْخُرُوقَ كَذَلِكِ

خَرَجْنَا وَمَا تَنْجُو الْيَعَافِيرَ بَيْنَنَا ... وَلَوْ وَأَلَتْ مِنَّا بِشَدٍّ مُدَارِكِ

إِذَا مَا انْبَعَثْنَا مِنْ مُنَاخٍ حَسِبْتَهُ ... مُدَمَّنَ أَهْلِ الْمَوْسِمِ الْمُتَعَارِكِ

أَقَمْتَ عَلَى الرَّسِّ النَّزُوعِ تُرِيدُنَا ... وَتَتْرُكُنَا فِي النَّخْلِ عِنْدَ الْمَدَارِكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>