للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الله من ذلك، كذاب مفتر على الله ورسوله،

وقال الامام أحمد: حدثنا ابن إسحاق بن يوسف ثنا ابن عوف الصديق الناجي أن الحجاج بن يوسف دخل عل أسماء بنت أبى بكر الصديق، بعد ما قتل ابنها عبد الله بن الزبير فقال: إن ابنك ألحد في هذا البيت، وإن الله أذاقه من عذاب أليم، وفعل به وفعل، فقالت له كذبت، كان بارا بالوالدين، صواما قواما، والله لقد أخبرنا رسول الله «أنه سيخرج من ثقيف كذابان الآخر منهما شر من الأول، وهو مبير». هكذا رواه أحمد بهذا السند واللفظ.

وقد أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الفضائل عن عقبة بن مكرم العمى البصري عن يعقوب بن إسحاق الحضرميّ عن الأسود بن شيبان عن أبى نوفل عن أبى عقرب واسمه معاوية بن سلم عن أسماء بنت أبى بكر أن رسول الله قال: «إن في ثقيف كذابا ومبيرا».

وفي الحديث قصة طويلة في مقتل الحجاج ولدها عبد الله في سنة ثلاث وسبعين كما سيأتي، وقد ذكر البيهقي هذا الحديث في دلائل النبوة، وقد ذكر العلماء أن الكذاب هو المختار بن أبى عبيد، وكان يظهر التشيع ويبطن الكهانة، وأسرّ إلى أخصائه أنه يوحى إليه، ولكن ما أدرى هل كان يدعى النبوة أم لا؟ وكان قد وضع له كرسي يعظم ويحف به الرجال، ويستر بالحرير، ويحمل على البغال، وكان يضاهى به تابوت بنى إسرائيل المذكور في القرآن، ولا شك أنه كان ضالا مضلا أراح الله المسلمين منه بعد ما انتقم به من قوم آخرين من الظالمين، كما قال تعالى ﴿وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ﴾ وأما المبير فهو القتال وهو الحجاج بن يوسف الثقفي نائب العراق لعبد الملك ابن مروان، الّذي انتزع العراق من يد مصعب بن الزبير، كما سيأتي بيانه قريبا.

وذكر الواقدي أن المختار لم يزل مظهرا موافقة ابن الزبير حتى قدم مصعب إلى البصرة في أول سنة سبع وستين وأظهر مخالفته فسار إليه مصعب فقاتله وكان المختار في نحو من عشرين ألفا، وقد حمل عليه المختار مرة فهزمه، ولكن لم يثبت جيش المختار حتى جعلوا ينصرفون إلى مصعب ويدعون المختار، وينقمون عليه ما هو فيه من الكهانة والكذب، فلما رأى المختار ذلك انصرف إلى قصر الامارة فحاصره مصعب فيه أربعة أشهر، ثم قتله في رابع عشر رمضان سنة سبع وستين، وله من العمر سبع وستون سنة فيما قيل

[فصل]

ولما استقر مصعب بن الزبير بالكوفة بعث إلى إبراهيم بن الأشتر ليقدم عليه، وبعث إليه عبد الملك بن مروان ليقدم عليه، فحار ابن الأشتر في أمره، وشاور أصحابه إلى أيهما يذهب، ثم اتفق رأيهم على الذهاب إلى بلدهم الكوفة، فقدم ابن الأشتر على مصعب بن الزبير فأكرمه وعظمه

<<  <  ج: ص:  >  >>