للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشهرها

ما رواه الأعمش عن أبى اليقظان عثمان بن عمير عن أبى حرب بن أبى الأسود عن عبد الله ابن عمرو أن رسول الله قال «ما أظلت الخضراء، ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبى ذر» وفيه ضعف. ثم لما مات رسول الله ومات أبو بكر خرج إلى الشام فكان فيه حتى وقع بينه وبين معاوية فاستقدمه عثمان إلى المدينة، ثم نزل الرَّبَذَة فأقام بها حتى مات في ذي الحجة من هذه السنة، وليس عنده سوى امرأته وأولاده، فبينما هم كذلك لا يقدرون على دفنه إذ قدم عبد الله بن مسعود من العراق في جماعة من أصحابه، فحضروا موته، وأوصاهم كيف يفعلون به، وقيل قدموا بعد وفاته فولوا غسله ودفنه، وكان قد أمر أهله أن يطبخوا لهم شاة من غنمه ليأكلوه بعد الموت، وقد أرسل عثمان بن عفان إلى أهله فضمهم مع أهله.

[ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين]

فيها كان فتح قبرص في قول أبى معشر، وخالفه الجمهور فذكروها قبل ذلك كما تقدم، وفيها غزا عبد الله بن سعد بن أبى سرح إفريقية ثانية، حين نقض أهلها العهد. وفيها سيّر أمير المؤمنين جماعة من قراء أهل الكوفة إلى الشام، وكان سبب ذلك أنهم تكلموا بكلام قبيح في مجلس سعيد بن عامر، فكتب إلى عثمان في أمرهم، فكتب إليه عثمان أن يجليهم عن بلده إلى الشام، وكتب عثمان إلى معاوية أمير الشام أنه قد أخرج إليك قراء من أهل الكوفة فأنزلهم وأكرمهم وتألفهم. فلما قدموا أنزلهم معاوية وأكرمهم واجتمع بهم ووعظهم ونصحهم فيما يعتمدونه من اتباع الجماعة وترك الانفراد والابتعاد، فأجابه متكلمهم والمترجم عنهم بكلام فيه بشاعة وشناعة، فاحتملهم معاوية لحلمه، وأخذ في مدح قريش - وكانوا قد نالوا منهم - وأخذ في المدح لرسول الله ، والثناء عليه، والصلاة والتسليم. وافتخر معاوية بوالده وشرفه في قومه، وقال فيما قال: وأظن أبا سفيان لو ولد الناس كلهم لم يلد إلا حازما، فقال له صعصعة بن صوحان: كذبت، قد ولد الناس كلهم لمن هو خير من أبى سفيان من خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا له، فكان فيهم البر والفاجر، والأحمق والكيس. ثم بذل لهم النصح مرة أخرى فإذا هم يتمادون في غيهم، ويستمرون على جهالتهم وحماقتهم، فعند ذلك أخرجهم من بلده ونفاهم عن الشام، لئلا يشوشوا عقول الطغام، وذلك أنه كان يشتمل مطاوى كلامهم على القدح في قريش كونهم فرطوا وضيعوا ما يجب عليهم من القيام فيه، من نصرة الدين وقمع المفسدين. وإنما يريدون بهذا التنقيص والعيب ورجم الغيب، وكانوا يشتمون عثمان وسعيد بن العاص، وكانوا عشرة، وقيل تسعة وهو الأشبه، منهم كميل بن زياد، والأشتر النخعي - واسمه مالك بن يزيد - وعلقمة بن قيس النخعيان، وثابت بن قيس النخعي، وجندب بن زهير العامري، وجندب بن كعب الأزدي، وعروة بن الجعد

<<  <  ج: ص:  >  >>